انتقد عدد كبير من الخبراء الهندسيين مخطط القاهرة 2050، الذى استعرضه الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس هيئة التخطيط العمرانى، مساء أمس الأول، فى ندوة بجمعية المهندسين المصرية، معتبرين أن المخطط يعد تطهيرا اجتماعيا للقاهرة، وأن «الفقير» ليس له مكان فيه، وهو ما رفضه «مدبولى»، مؤكدا أن المخطط له بعد اجتماعى ويستهدف البشر أولاً.

واعتبر الدكتور ممدوح حمزة، الاستشارى الهندسى، أن المخطط لم يحافظ على معالم العاصمة، وقال: «لن نجذب السائحين بالعمارات الشاهقة وناطحات السحاب، وهذه العمارات والمستشفيات والمناطق التعليمية الضخمة ستكون مشروعات جذب، وبالتالى ستزيد من الإقبال على العاصمة، وليس العكس كما يستهدف المخطط.

وأضاف «حمزة»: «نقل الوزارات الذى يستهدفه المخطط خاطئ للغاية، فلو جاء أى شخص مثقف فى أى عاصمة مثل لندن أو باريس، واقترح نقل الوزارات بسبب المرور، سيتم إدخاله مستشفى الأمراض العقلية، فمقار الوزارات تعد تاريخا، فلدينا حكومة منذ 150 عاما، ونقلها لن يكون فى صالح هذا التاريخ، وقد يكون نقل دواوين الوزارات هو الأفضل، وليس نقل مقر للوزير.

واعتبر حمزة أن المخطط يعد تطهيرا اجتماعيا للقاهرة، حيث إنه يبحث عن الاستثمار العقارى فى المحافظة، وليس الإنسان البسيط، مشيرا إلى أنه إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لمشكلة القاهرة فعليها إنشاء مدينة مليونية على بعد 350 كيلو مترا منها، ومنع البناء فى المحافظة لمدة 10 سنوات، مختتما حديثه قائلا: «هذا الحلم أرجو ألا يتحقق». وشدد الخبراء على ضرورة دراسة التأثير الاجتماعى عند إعادة تسكين المواطنين، خاصة لما عانه البعض أثناء نقلهم من أماكن معيشتهم إلى أخرى فى بعض المشروعات مثل محور 26 يوليو، فضلا عن الحفاظ على الملامح الأثرية للمحافظة، والبعد عن تصميم عمارات شاهقة عند سفح الأهرامات وأمام النيل، معتبرين أن هذا المخطط مصمم للحجر وليس للبشر.

من جانبه، أكد الدكتور مصطفى مدبولى، فى رده على هذه المخاوف، أن المدن التاريخية بها أبراج تعكس الحداثة مثل باريس ولندن، مشيرا إلى أن نقل الوزارات ضرورة فى الوقت الحالى، لما تسببه من إعاقة للمرور، وليس كما اعتبر ممدوح حمزة أنه لا تأثير على المرور من وجود الوزارات، نافيا أنه سيتم نقل مجلسى الشعب والشورى إلى المقر الحكومى الجديد غرب الطريق الدائرى.

وقال: «إذا كان الدكتور حمزة يرى أن الوزارات ليست المتسببة فى مشكلة المرور، فعليكم التجول فى شارع قصر العينى يومى الجمعة والسبت لتروا مدى سيولة المرور فى هذين اليومين، على اعتبار أنهما إجازة للموظفين والوزارات»، مشيرا إلى أن الأبراج التى سيتم بناؤها ستكون فى الشرق عند حلوان، بعيدا عن الآثار، بجانب منطقة روض الفرج التى تحتوى الآن بالفعل على أبراج إدارية.

وأضاف: «كلمة تطهير اجتماعى كلمة كبيرة جدا، فنحن هدفنا الأساسى البعد الاجتماعى للتنمية وليس تجاهل المواطنين، وهذا المخطط كله للبشر وليس الحجر»، معتبرا أن القاهرة تحتاج إلى عمليات جراحية ويجب التدخل سريعا لإجرائها وليس تركها كما هى.

وأعلن «مدبولى» أن المطلوب لتنفيذ المشروعات المختلفة فى القاهرة هو 160 مليار جنيه، و120 ملياراً أخرى لخطوط مترو الأنفاق، وسنحتاج نحو 8 مليارات سنويا، لافتا إلى أنه من المتوقع أن يكون عائد هذه المشروعات نحو 108 مليارات جنيه.
ولفت «مدبولى» إلى أن عملية نقل المقابر لن تستهدف كل المقابر فى القاهرة، وإنما ستكون خاصة بمقابر عين الصيرة التى تصل مساحتها إلى 300 فدان، ولن يكون هناك مساس بالحدائق التاريخية كما أشاع البعض، موضحا أنه سيكون هناك تحديث للمخطط بعد فترة معينة، على اعتبار أن مراحل التنفيذ ستكون كل 5 سنوات وفقا للخطط الخمسية، معلنا فى الوقت نفسه أن الهيئة بصدد إصدار الوثيقة الرسمية للمخطط التى ستحتوى على بعض المشروعات حتى 15 عاما مقبلة .