بسم الله الرحمن الرحيم
:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}…(لأنفال:30).
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قصة اجتماع رؤوس الكفر في دار الندوة بمكة يتشاورون ما يصنعون برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للقضاء على دعوة الإسلام فقال بعضهم احبسوه في وثاق وقال آخر أخرجوه من بين أظهركم... إلى أن قال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره، قالوا ما هذا، قال تأخذون من كل قبيلة وسيطاً شاباً جلداً، ثم يعطى كل غلام منهم سيفاً صارماً، ثم يضربونه ضربة رجل واحد، فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم وأنهم إذا رأوْا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه... فأتى جبريل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمره ألاَّ يبيت في مضجعه الذي كان يبيت، وأخبره بمكر القوم، فلم يبت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيته تلك الليلة، وأذن الله له عند ذلك في الخروج،
}وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا { لمكر هو التدبير الخفي ضد خصم من غير أن يعلم.
}لِيُثْبِتُوكَ{ ليحبسوك في وثاق.
اجتمعوا يدبِّرون الخلاص من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحرصوا ألا يصل خبر ما صنعوا، ولكن الله رد كيدهم في نحرهم، ودبَّر الله لهم ما فيه ذلهم وهزيمتهم، وما فيه العز والنصر لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه والله سبحانه هو خير من دبَّر لإزهاق الباطل ومحق الكافرين.
يتبيّن من هذه الآية الكريمة، وأسباب نزولها، الأمور التالية:
1الشدائد مفاتيح الفرج فإنَّ كفار مكة آذوْا الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه واشتد الأذى إلى أن وصل منتهاه ـ فكان قرار القتل إيذاناً بالهجرة وقيام الدولة في المدينة ليعلو سلطان الإسلام رغم كيد الكافرين
2 الأخذ بالأسباب أمر بالغ الأهمية في الإسلام، فإنَّ الله سبحانه قد أمر رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن لا يبيت في فراشه تلك الليلة، واتخذ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الأسباب أثناء الهجره ما فيه دلالة واضحة على ربط الأسباب بالمسببات. مع انه كان يعلم أنهم لن يصلوا إليه بسوء حيث أجاب أبا بكر عندما قال له يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لرآنا فأجابه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) مما يدل على أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان موقناً بالنجاة ومع ذلك أخذ بالأسباب مثل نوم سيدنا علي بن أبى طالب مكانه ثم الذهاب جنوباً إلى غار ثور بدل أن يذهب مباشرةً إلى المدينة وهي شمال مكة، والاختفاء في الغار ثلاثاً ثم استطلاع الأخبار وهو في الغار ليعرف خبر القوم، وبعد ذلك يجعل مولى أبي بكر عامر بن فهيرة يريح الغنم على آثار عبد الله بن أبي بكر الذي كان يأتيه بالأخبار لكي تزول الآثار.
3 إن الله يتولى الصالحين،إذ أن الله يبطل مكر الماكرين ، ويرد كيدهم في نحرهم فالله سبحانه وتعالى ناصرٌ لعباده المؤمنين
}وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{
صدق الله العظيم
منقول للفائدة
وأسأل الله عز وجل ان يجعلنا جميعاً
من عباده الذين يدافع عنهم برحمته
وأن يرد عنا كيد الماكرين
آمين
المفضلات