المقامة الحلوانية (دراسة)
*معنى المقامة :

اسم مكان من الفعل (قام) وهى عبارة عن حكاية قصيرة تنتهى بفُكاهة أو موعظة
*أسباب ظهورها :

1- التأثر بالأدب الفارسى 2- حِرص الأدباء على إظهار مقدرتهم اللغوية
3- انتشار الكِديّة والتكسُب بالأدب 4- إهمال الخلفاء للأدباء
*أشهر كُتابها :

ابن دَريد / بديع الزمان الهمذانى/ أبو القاسم الحريرى / محمد المُويلحى

*أبطال مقامات الهمذانى :
عيسى بن هشام (الراوى) – أبو الفتح السكندرى(البطل)

*أشخاص المقامة الحلوانية :
عيسى بن هشام / خادمُه/ الرجُل الأول/ الرجُل الثانى / صاحب الحمّام
ملاحظة :عدم ظهور أبو الفتح السكندرى فى المقامة الحلوانية وقيام عيسى بدَورى الراوى والبطل

* سُميت المقامة الحلوانية بهذا الاسم:
نِسبة إلى مدينة حلوان وهى مدينة قريبة من بغداد ويتناول فيها الهمذانى فى أسلوب ساخر مشكلة اجتماعية وهى (ظاهرة الحمامات العامة وما يحدث فيها )

* (ملخص مُبسط للمقامة الحلوانية )
قصد عيسى بن هشام الحمّام فقام رجُل بِوضع الطين على جبينه ورأسه وقام آخر بتدليكه وكلّ ٌ منهما يُريد أن يحجزه لنفْسه وحدث بينهما نزاع انتهى بِعرْض الأمر على صاحب الحمّام الذى أصدر حُكْمه المُخجل حيث رمى عيسى بن هشام بالثرثرة والتزوير وشبَّهَهُ بالتيْس (ذكَر ُالماعز)
النـــــــــــــــــــــــــــص


حدثنا عيسى بن هشام قال :لما قفلت من الحج فيمن قفلْ, ونزلت حلوان مع من نزلْ قُلت لغلامى: أجدُ شعرى طويلا وقد اتسخ بدنى قليلا فاختر لنا حمّامًا ندخله وحجّامًا نستعمله وليكن الحمّام : واسع الرُّقعة نظيف البُقعة طيّب الهواء مُعتدل الماء وليكن الحجّام: خفيفَ اليد, حديدَ المُوسِى, نظيفَ الثياب, قليلَ الفُضول .


المفردات: قفلت :رجعت× أقمت/ غلامى ج أغلمة غلمان / بدنى: جسمى ×روحى

/حجّام: حلاق /الرقعة : المساحة ج الرُّقع الرقاع/ البقعة : المكان ج البقع البقاع/
الهواء: ج أهوية/ حديد : حاد القطع ج حدائد×بارد /الماء: ج المياه أمواه/

قليل الفضول : قليل االكلام × الثرثار /طويلا : ج طِوال

الشرح :يقول عيسى بن هشام لمَّا رجعت من رحلة الحج ,نزلت مدينة حلوان ,فوجدت شعرى قد طال وجسمى يحتاج إلى نظافة . فطلبت من خادمى أن يبحث لِى عن حمّامٍ وحلاق ثم بيَّنت له صفات الحمام وهى : أن يكون واسعاً ونظيفاً وهواؤه نقىّ وماؤه فاتر وأن يكون الحلاق ماهراً فى عمله وشفرة حلاقته حادة وأن يكون ثوبه نظيفاً وقليل الكلام

العاطفة:الرغبة فى النظافة *

الألفاظ ( واسع-نظيف –خفيف) توحى بالرغبة فى المُتعة والسعادة

الأساليب:اختر أمر للحث /لِيكُنْ : أمر للتمنى والرجا ء
(بقية الآساليب خبرية للتقريروالتوضيح)

المُحسنات : 1-الجناس بين (الحمّام –الحجّام ) (الرقعة – البقعة )
2-السجع والازدواج بين (طويلا -قليلا) (نزل- قفل) (الرقعة -البقعة) (الهواء -الماء )
3- الازدواج بين ( خفيف اليد - حديد الموسى- نظيف الثياب- قليل الفضول )
الخيال:1- خفيف اليد ( كناية) عن المهارة فى العمل
2-معتدل الماء (كناية) عن التوسط بين الحرارة والبرودة
3-حجاماً نستعمله :استعارة مكنية وفيها امتهان واحتقار لمهنة الحلاقة


النـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــص
فخرج مليَّا وعاد بطيا , وقال قد اخترته كما رسمتْ , فأخذنا إلى الحمام السمتْ ,وأتيناه فلم نرى قِوامه ولكنى دخلته ودخل على أثرى رجلٌ وعمد إلى قطعة طين فلطَّخ بها جبينى ووضعها على رأسى ثم ↓ خرج ودخل آخر فجعل يُدلكنى دلكاً يكُد العظام ويغْمزنى غمزاً يهد الأوصال وَيصْفرُ صفيرا ًيرشُّ البُزاق ثم عمد إلى رأسى يغسلهْ وإلى الماء يُرسله ْ


المفردات: مليا :وقتا طويلا× قليلا/ بطيا : بطيئا×سريعاً

/ رسمت :وصفت وحددت /السمت :الطريق /قوامه :نظامه /أثرى : ورائى× أمامى /عمد

:قصد × صادف /طين : ج أطيان /لطخ :لوّث × نظّف / جبينى : جبهتى ج أجْبن أجْبنة

/ يدلكني :يضغطني /يكد : يرهق ويتعب ×يريح / يغمزنى : يعصرنى

/ الأوصال : المفاصل م وصْل /يصفر : يُحدث صوتاً / البزاق: ما يتطاير من الفم من ريق / يُرسلُهْ : يَصُبهْ


الشرح: ذهب الخادم و عاد بعد فترة طويلة و أخبرنى باختياره الحمّام كما وصفته له , فسلكنا إليه الطريق و دخلته رغم صغره و قِصر بُنيانه و دخل ورائى رجلٌ فوضع الطين على جبيني و خرج و دخل بعده رجل قام بتدليكى بعنف أرهق عظامى ومفاصلى وكان يخرج من فمه بُصاق وهو يغسل رأسى .

العاطفة: الضيق و الإرهاق و التعب .

الأفكار : معبرة عن العاطفة حيث ذكرَ تلويث رأسه بالطين وتعبه وإرهاقه من عملية التدليك

: (طين- لطّخ – يغمز - البزاق) تُوحِى بالضيق (يدلك- يغسل -يرسله ) مضارعة للتجدد والاستمرار.

المحسنات:1- السجع و الازدواج : (مليا – بطيا /يغسله – يرسله)
2- الجناس (رسمت –السمت /يغسله - يرسله)
3- الطباق (دخل –خرج / خرج – عاد)

الخيال: 1- كناية (غمزا َيهد الأوصال / دلكاََ يكد العظام) عن تعب وضيق عيسى بن هشام
2- كناية فى (يصفر صفيراً يرش البزاق) عن إرهاق الحمامى الذى يُدلكه


النـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــص

وما لبث أن دخل الأول فحياّ أخدع الثانى بمضمومة قعقعت أنيابه وقال :يالُكع مالك ولهذا الرأس وهولى ؟ ثم عطف الثانى على الأول بمجموعة هتكت حجابه وقال :بل هذا الرأس حقى ومِلْكى وفى يدى ثم تلاكما حتى عييا وتحاكما لما بقيا


المفردات: مالبث : ما تأخر/ حيا : صفع /الأخدع: عِرق فى الرقبة /مضمومة: قبضة يده /قعقعت : صوتت
لكع : لئيم /عطف : مال /هتكت : مزقت /حجابه : سِتره وكرامته ج حُجُب /عييا : تعبا /تحاكما: طلبا الحكم

الشرح:عاد الحمامى الأول وصفع الثانى جعلت أسنانه تُصدر صوتاً وقال له : يا لئيم كيف تعمل فى هذا الرأس وهو محجوز لى ؟ فهجم الحمامى الثانى وَلَكَمَهُ لكمةَ هائلة أضاعت هيبته وحطت من كرامته وقال له : بلْ إن هذا العمل من حقى ومِلْك يدى ودارت بينهما ملاكمة حتى تعبا وطلبا من يحكم بينهما

العاطفة:الألم والتعجب والدهشة
الأفكار: تناولت الصراع بين الرجلين والنزاع علي ( رأس) ليس لأحدهما الحق فيه
الألفاظ : ( هتكت –قعقعت) تُوحى بالعنف /( لى –حقى –ملكى- يدى) تدل على تمسُّك كلاهما فى أحقيته
الأساليب :1- يا لكع: نداء للسخرية 2-مالك ولهذا الرأس :استفهام للتعجب
( توكيد) إيجاز بحذف (أصابع مضمومة - أصابع مجموعة )
المحسنات:1- الجناس فى (تلاكما تحاكما) 2 - السجع والازدواج بين (عييا – بقيا )
الخيال:1- حيا أخدع الثانى : استعارة مكنية
2- قعقعت أنيابه : كناية عن قوة الضربة
3-الرأس : مجاز مرسل علاقته الجزئية

النـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــص
فأتيا صاحب الحمام فقال الأول : أنا صاحب الرأس لأنى لطخت جبينه ووضعت عليه طينه وقال الثانى بل أنا مالكه لأنى دلكت حامله وغمزت مفاصله فقال الحمامى : ائتونى بصاحب الرأس لأسأله ألك هذا الرأس أم له ؟ فأتيانى وقالا : لنا عندك شهادة فتجشم فقمت وأتيت شئت أم أبيت فقال الحمامى :
يا رجل لا تقل غير الصدق و لا تشهد بغير الحق و قُل لى هذا الرأس لأيهما ؟ فقلت يا عفاك الله هذا رأسى قد صحبنى فى الطريق وطاف معى بالبيت العتيق وما شككت أنه لى فقال لى اُسكت يا فضولى



المفردات:تجشم :اِستعد لتحمل المشاق /أبيت : رفضت× أردت /عافك :رزقك العافية ←تابع المقامة

الشرح:وأتيا صاحب الحمام فقال الأول :أنا صاحب الرأس لأنى وضعت عليه الطين وقال الثانى : بل أنا مالكه لأنى قمت بتدليكه فقال صاحب الحمام : ائتونى بصاحب الرأس للاستشهاد به فذهبت معهما فطلب منى صاحب الحمام أن أشهد بالحق و ألاّ أقول إلا الصدق وسألنى من صاحب هذا الرأس ؟فقلت له : أعطاك الله العافية إنه رأسى أنا وليس لأىٍّ منهما فقد ذهب معى إلى الحج وطفنا بالكعبة وما شككت يوماً من الأيام أنه ليس لى فاتهمنى بكثرة الكلام وأمرنى بالسكوت .
العاطفة:التعجب والدهشة والاستنكار

الفكرة:دارت حول الصراع بشأن رأس رجل يطمع فيه كلا المتخاصمين كما ظهر فيها الترتيب (تحدث كل من الرجلين ثم طالب الحمامى بإحضار صاحب الرأس المتنازع عليها حتى يصدر حكمه )

الألفاظ أنا – مالكه) توحى بالطمع والأنانية * ( شئت أم أبيت ) بسيطرة الرجلين وسلبهما لإرادة عيسى
الأساليب :1-ائتونى أمر للالتماس 2- تجشم أمر للنصح 3-اُسكت أمر للتهديد
4- يا رجل نداء للتنبيه 5-يا فضولى نداء للتحقير 6-(لاتقل لا تشهد ) نهى للتحذير
7-يا عفاك الله (خبرى لفظا إنشائى معنى) غرضه الدعاء
(توكيد)قد صحبنى – لاتقل ....غير أسلوب قصر وسيلته النفى والاستثناء غرضه التخصيص والتوكيد
المحسنات:1-الطباق (شئت – أبيت) 2- سجع وازدواج (جبينه طينه /حامله مفاصله/ الطريق العتيق)
الخيال:استعارة مكنية فى (رأسى قد صحبنى – طاف معى)
النـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــص


ثم مال إلى أحد الخصمين فقال يا هذا: إلى كم هذه المنافسة مع الناس بهذا الرأس تسل عن قليل خطره إلى لعنة الله وحر سقره وهب أن هذا الرأس ليس وأنّا لم نر هذا التيس قال عيسى بن هشام فقمت من ذلك المكان خجلا, ولبست الثياب وجلا, و انسللت من الحمام عجلا .


المفردات:الخصمين: المتنازعين ج الخصوم /إلى كم : إلى متى /المنافسة: المسابقة /تسل : اصبر وتسامح / خطره: منزلته /لعنة الله:الطرد من رحمته /حر: لهيب / سقر: جهنم/ هب: افترض / التيس: ذكر الغنم ج تيوس
تيسة / وجلا: خائفا / عجلا: سريعا /انسللت : خرجت فى خفية
الشرح:ثم مال صاحب الحمام إلى أحد المتنازعين ينصحه بترك المنافسة على هذا الرأس وشتمنى واصفاً إياى بالتيس فقمت سريعا خجلان من ذلك الموقف ولبست ثيابى و خرجت من الحمام مسرعاً
العاطفة:التعجب والاستنكار

الألفاظ : (تسل –مال- هب ) توحى بمجاملة الحمامى لأحد المتنازعين
(خجلا- وجلا-) توحى بالضيق والألم
الأساليب:1-يا هذا: نداء للتنبيه 2-إلى كم استفهام للتوبيخ
3-تسل أمر للنصح
المحسنات :السجع بين (خطره-سقره /ليس - التيس/ خجلا- عجلا- وجلا-)
الخيال:(التيس) :استعارة تصريحية شبه عيسى بالتيس وحذف المُشبه وصّرح
ب المُشبه به
.................................................. .................................................. ..........................
**الخصائص الفنية للمقامة :

1-التزام السجع والإكثار من المحسنات البديعية 2- ميلها للفكاهة
3-اختلاف الأداء اللغوى وتنوعه بين الرقة والعذوبة وبين الغرابة والتعقيد
4-ميلها إلى نقد المجتمع وسلوك الأفراد
5-بعض المقامات قريبة من بناء القصة الفنى
6-كثرة الأشعار والألغاز والحِكم 7-التلاعب بالألفاظ والنزعة الوعظية

***تطبيق عناصر بناء القصة على المقامة:

*المكان :الحمام *الزمان :عقب موسم الحج
*الأشخاص (عيسى- الخادم-المتنازعان عليه –صاحب الحمام)
*الأحداث (إرسال الخادم-الصراع بين المتخاصمين والتحاكم- خروج عيسى بعد الحكم)
*أثر البئة فى النص:1
-وجود حمامات للنظافة 2-استخدام الطين فى العلاج 3-طبيعة الحلاقين
لاحظ أن .....؟
1-الكاتب فجّر السُخرية والتهكم باعتماده على سُوء الفهم فى الحوار بين عيسى وصاحب الحمام
2- المقامات مصدرمن مصادر تعليم اللغة فقد كانوا يتخذونها وسيلة لتعليم الناشئة حفظ ألفاظها الغريبة وأساليبها البيانية والمحافظة على أُصولها .