* التعريف بالشاعر ( أبي تمام )
من أبو تمام ؟

حبيب بن أوس الطائي ترعرع في دمشق ورحل إلى مصر، يسقي الماء بحامع عمرو بن العاص ويستقي من أدب علمائه تدرب على الشعر حتى بلغ مبلغا عظيما لم يزاحمه أحد من معاصريه . وسار بشعره في أسواق الأدب في أنحاء البلاد وأقبل عليه عشاق الأدب والمدح حتى لم يستطع أحد من الشعراء أن يكسب درهما في حياته .


كان أبو تمام أسمر اللون طويل القامة فصيحاً حلو الكلام ذكي الطبع حاضر البديهة قوي الذاكرة . ويعتبر رأس الطبقة الثانية من المولدين ، يكثر في شعره من البديع بأنواعه ومن البيان ،ويميل إلى التعقيد وتعمق المعاني واستقصائها ولذلك يلقب بشاعر الصنعة ،وقد جمع مختارات من الشعر في كتابه ديوان الحماسة .
* مناسبة القصيدة :

الوصف غرض من أغراض الشعر منذ القدم، ولكن وصف الطبيعة وجمالها في فصل الربيع أمر متجدد عندما تتزين الأرض بالزهور والرياحين وتتجاوب كل عناصر الكون في سيمفونية الربيع هنا يبدع الشاعر مسجلا أروع ما تقع عليه عيناه وما تشعر به نفسه، وها هو ذا أبو تمام يشدو لنا في هذه القصيدة مبينا جمال الربيع .
* أبيات القصيدة وشرحها
نزلت مقدمة المصيف حميــــدة ويــد الشتاء جديــــدة لا تنكـــــر

مفردات :

مقدمة المصيف : الربيع.
يد الشتاء
: آثاره أو خيره والمقصود مطره .
شرح :
يبين الشاعر أن فصل الربيع قد جاء ومازالت آثار الشتاء ظاهر أثرها
بلاغة :
مقدمة المصيف:
كناية عن الربيع ( الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل)
يد الشتاء :
استعارة مكنية .فيها تشخيص .
[ المصيف - الشتاء ] بينهما طباق يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد.
الأسلوب
خبري للتقرير .
لولا الذي غـــرس الشتاء بكفه لاقى المصيف هشائمالا تثمـــــر

مفردات :
غرس الشتاء
: المراد ما قدمه الشتاء من أمطار للأشجار .
هشائما
: جمع هشيمة وهي النباتات اليابسة الذبلة .
شرح:
فلولا أمطار الشتاء لجاء الربيع،ولم يجد إلا أشجارا ذابلة لا حياة فيها ولا ثمار.
تحليل بلاغي :غرس الشتاء : استعارة مكنية فيها تشخيص للشتاء حيث شبهه كإنسان يزرع .
هشائما لا تثمر
: كناية عن الجفاف وقبح منظر الطبيعة .
الأسلوب :
خبري للتقرير
ما كانت الأيــام تسلب بهجــــة لو أن حسن الروض كـــان يعمـر
مفردات :
تسلب : تنزع .
بهجة : جمال .
الروض
: جمع روضة وهي الحديقة ذات الأزهار والخضرة يعمر : يدوم ويستمر .
شرح :
لوأن الربيع استمر طوال العام في جمال الرياض لكانت الأيام دائما كلها البهجة والسعادة ؛ بسبب استمرار جمال الحدائق .
تحليل بلاغي :
البيت : كناية عن السعادة والجمال في فصل الربيع .
[ تسلب - يعمر ]
بينهما طباق يبرز المعنى بالتضاد . الأفعال المضارعة في البيت تدل على التجدد والحدوث والاستمرار واستحضار الصورة .
الأسلوب :

خبري للتقرير.
أو لا ترى الأشياء إذ هي غيرت سمجت وحسن الأرض حين تغير؟


مفردات :
سمجت : قبحت . حسن الأرض : جمال الأرض
شرح :

يقرر أن كل الأشياء تتغير من الحياة إلى الموت ومن الحسن إلى القبح إلا الأرض فجمالها وحسنها عندما تتغير عليها فصول العام حتى يأتي الربيع ليبعث فيها الحياة .
بلاغة :
مقابلة بين شطري البيت . تبرز المعنى بالتضاد .
الأسلوب :
إنشائي . نوعه استفهام . غرضه : التقرير .

يــا صاحبي تقصيا نظريكمــــــا** تريا وجوه الأرض كيــف تصـور ؟

مفردات :
تقصيا : تأملا .
وجوهالأرض : جوانبها ونواحيها .
تصور
: تتلون وتخضر وتزهر.
شرح :
ويتخيل الشاعر صاحبين كما فعل الشعراء قبله ،ويطلب منهما أن يجيلا النظر ويتأملا ؛ ليريا جمال الأرض في أبهى صورة .
تحليل بلاغي :
وجوه الأرض كيف تصور . كناية عن جمالها .
يا صاحبي
.. أسلوب إنشائي نداء : غرضه التنبيه والإغراء .
تقصيا
: إنشائي أمر : غرضه الالتماس .
كيف تصور ؟ : إنشائي : استفهام للتعجب .
تريا نهاراً مشمسا قــد شابــه زهــر الـربا فـكأنما هـو مقمر


مفردات:
مشمس : ظهرت شمسه .
شابه : خالطه وامتزج به .
مقمر : مضاء بالقمر .
شرح :

فهذا هو النهار قد اختلط ضوء شمسه بألوان الزهر في الربا والمناطق المرتفعة من الأرض فكأن القمر هو الذي يضيء.
تحليل بلاغي :
فكأنما هو مقمر : تشبيه .
[ مشمس - مقمر ] طباق يبرز المعنى بالتضاد .
الأسلوب :
خبري غرضه التقرير .
دنيا معـاش للـــــوري حتــى إذا جلي الــربيع فـإنما هـي منظــر

مفردات :
معاش : مجال للكسب والعمل .
الورى
: الخلق .
جُلي :أُظهر .
شرح :
وها هي ذي الدنيا تكون مكان سعي على الرزق حتى يأتي الربيع فتكون لوحة للمتعة والجمال للإنسان .
تحليل بلاغي :
دنيا معاش :
كناية عن الكد والكفاح .
جلي الربيع
: استعارة مكنية فيها تجسيم .
إنما هي منظر : أسلوب قصر يفيد التوكيد .

أضحت تصوغ بطونها لظهورها** نــوراً تكـاد له القـلوب تنـور

مفردات :
تصوغ
: تصنع .
نَوْر : زهر .
تنور تضيء من البهجة .
شرح :
وإذا باطن الأرض يصوغ نورا لظهرها له بهاء وروعة تجعل القلوب تنير فرحا .
تحليل بلاغي :
تصوغ بطونها : استعارة مكنية فيها تشخيص .
تكاد له القلوب تنور : كناية عن الإعجاب .
[ بطون وظهور ] بينهما طباق يبرز المعنى بالتضاد .
[ نورا وتنور
] بينهما جناس ناقص نور بمعنى الزهر وتنور بمعنى تضيء ، والجناس يعطي جرسا موسيقيا ويحرك الذهن .

من كل زاهرة ترقرق بالنــدى * *وكـــأنها عيـن إليـك تـحــدر
مفردات :

زاهرة :
زهرة جميلة .
ترقرق :
تلمع وتتألق .
تحدر :
تنظر إليك .
شرح :
هذه الأزهار وقد ترقرقت بالندى وكأنها عين دامعة تنظر في حنان من السعادة .
تحليل بلاغي :
كأنها عين ... : تشبيه . وهذا التشبيه غير ملائم للجو النفسي .لأن الدمعة توحي بالحزن والزهرة الندية تبعث السرور .

حتى غدت وهداتها ونجادهــا فئتين في خلـع الربيـع تبختـر


مفردات :
غدت : أصبحت .
وهداتها
: جمع وهدة وهي الأرض المنخفضة .
نجادها : جمع نجد وهي المرتفع من الأرض .
فئتين : مثنى فئة وهي النوع .
خلع : جمع خلعة وهي الثياب .
تبختر
: تتمايل
شرح :

وهذه الأرض بمرتفعاتها ومنخفضاتها، وقد لبست ثياب الربيع المزركسة، كأنها جماعات تتمايل اختيالا وفرحا.
تحليل بلاغي :
فئتين في خلع الربيع تبختر : استعارتان مكنيتان فيهما تشخيص .
بين وهدات ونجاد: طباق
* الخلاصة والتعليق :
**غرض القصيدة :
الوصف وقد تطور في العصر العباسي مثل وصف الربيع وأواني الطعام ومظاهر الترف والآثار .
**الأفكار :
واضحة وفيها تحليل واستقصاء للمعاني وهي طريقة أبي تمام .
**الصور :
جميلة وفيها ابتكار .
** الألفاظ :
ملائمة لجمال الطبيعة وفيها سهولة وعذوبة .
**الشاعر:
محب للطبيعة .
وأفكاره عميقة وهو شاعر موهوب .
سليم المنطق و مرهف الحس
** البيئة :

جمال البيئة ظاهر في النص فهي بيئة حضارية
تنتشر فيها الرياض والحدائق
ويظهر فيها تميز الفصول .
**خصائص شعر أبي تمام :
سهولة الألفاظ .
جزالة العبارة .
سلامة الصياغة .
عمق المعاني وتحليلها .
الاهتمام بالمحسنات البديعية .
الإكثار من الصور البيانية وجمال التصوير .