فكرة حفر القناة و لماذا رفضها محمد علي؟؟؟

قبل مائة وأربعون عاماً تقريبا ، أي في 11 نوفمبر من عام 1869م، افتتحت قناة السويس لأول مرة للملاحة العالمية.

فكيف نشأت فكرة حفر القناة و لماذا رفضها محمد علي، باني مصر الحديثة ؟

ظهرت إعادة فكرة حفر قناة تربط بين البحر الأحمر و البحر المتوسط أثناء وجود الحملة الفرنسية في مصر (1798-1801م)، و لكن بسبب خطأ في الحسابات الهندسية قرر مهندس الحملة الفرنسية لوبير أن البحر الأحمر أكثر ارتفاعاً من البحر المتوسط، و بالتالي عدم جدوي حفر القناة. و ظل هذا الاعتقاد قائم حتي جاءت جماعة السان سيمونيين إلي مصر ( نسبة إلي هنري سان سيمون الفرنسي) و أعادت دراسة المشروع و أثبتت أن البحرين في مستوي واحد و أنه يمكن شق قناة بينهما.عرضت جماعة سان سيمون علي محمد علي فكرة إنشاء القناة بالإضافة إلي مشروعات أخري في مصر منها مشروع سد القناطر. وافق محمد علي علي مشروع القناطر و لكنه لم يتحمس لمشروع القناة، و اشترط أن تتفق القوي الأوروبية مع الباب العالي في تركيا علي حقوق و واجبات كل طرف في حال شق هذه القناة. كان محمد علي يري أن هذا المشروع مختلف عن كل المشاريع التنموية الأخري التي قام بها في مصر. فهو يفتح الباب علي مصرعيه لتدخل القوي الأجنبية في مصر للسيطرة علي هذا الطريق الذي سيصبح أقصر الطرق البحرية لربط أوروبا بمستعمراتها في آسيا. هذا بالإضافة إلي معارضة إنجلترا لهذا المشروع، لأنه سيسهل لبقية الدول الأوروبية مد نفوذها في جنوب شرق آسيا علي حساب النفوذ الإنجليزي هناك. لذا كان محمد علي يعتمد علي إنجلترا في الوقوف ضد المشروع و عدم إتمامه. و الحقيقة أن محمد علي لم يكن معارضاً للمشروع في حد ذاته، و إنما في منح شركة أجنبية امتياز الحفر و الانتفاع به. و هو ما عبر عنه القنصل الفرنسي في القاهرة مسيو بارو بقوله إن محمد علي لن يرضي أبداً بمنح شركة أجنبية امتياز حفر هذه القناة و بالتالي لن يسمح مهما كان الثمن لهذه الشركة بالانتفاع بالقناة.
و أضاف: إن محمد علي لديه من الوسائل و الامكانيات اللازمة للقيام بذلك دون اللجوء لرؤوس أموال أجنبية. و قد يطلب من فرنسا المهندسين اللازمين للقيام بالمشروع، و لكنهم سيعملون في هذه الحالة لحسابه فقط. و هذه القول يكشف لنا عن سياسة محمد علي التي انتهجها في تحقيق نهضة مصر الحديثة. فكان يقوم بمشاريع اقتصادية ضخمة تمثل نقلة حضارية لمصر في مجالات الزراعةو و الصناعة و التجارة و لكن برؤوس أموال مصرية تستثمرها الحكومة المصرية في هذه المشاريع و توظف لديها العقول الأوروبية اللازمة للقيام بالدراسة و التخطيط و التنفيذ. و تجلي ذلك في مشروع القناطر و مشاريع حفر الترع. و كان اعتماد محمد علي علي الخبراء الأجانب وقتي حتي تعود البعثات العلمية المصرية التي أوفداها للدراسة في الخارج و تتولي هذه المشاريع. فكان محمد علي يدرك أن الأجانب ولاءهم الأول و الأخير لحكوماتهم، لذا يجب الاعتماد علي العنصر المصري للحفاظ علي المصلحة الوطنية و تحقيق تنمية طويلة الأمد. و لكن الوضع تغير مع تولي سعيد باشا حكم مصر. فعلي الرغم أن عهد سعيد كان فيه بعض الانجازات لمصر علي مستوي النهضة الشاملة، إلا أن سعيد نفسه كان يفتقد إلي الحنكة السياسية و بعد النظر الذان تمتع بهما أبوه محمد علي. فأدي ميله إلي العنصر الأوروبي و الثقافة الفرنسية و صداقته لديليسبس إلي فتح الباب علي مصرعيه لتدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلي مصر، و هي أموال لم تستثمر في الصناعة و إنما فقط في الزراعة لتمد أوروبا بالمواد الأولية اللازمة للثورة الصناعية، مثل القطن. كما لم يجد سعيد غضاضة في منح شركة قناة السويس العالمية امتياز حفر و الانتفاع بقناة السويس لمدة 99 عاماً و بشروط مجحفة للجانب المصري. بدأ الحفر في قناة السويس سنة 1859م، و استمر العمل لمدة عشرة أعوام متصلة، و تم افتتاح القناة للملاحة في عهد الخديو اسماعيل في 11 نوفمبر 1869 م
لمسابقة الجديدة ديسمبر 2010
الفجر الساطع
لنرتقى
.