موقع الوادي المقدس في القران 1


إن المتتبع للسياقات القرآنية التي تتحدث عن قصة اللقاء الشهير لموسى مع ربه يستطيع أن يحدد بالضبط المكان الذي تم فيه اللقاء، فهو بلا شك المكان الذي تتوافر به العناصر الجغرافية التالية:

أ. ألوادي
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ (9) إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) (طه 9-12)

ب. الطور
فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (القصص29)


ج. أ شَاطِئِ لوادي الأيمن و البقعة المباركة و الشجرة..
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (القصص30)

مع توافر عوامل لحظية وهي النار:
إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7) فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) (النمل 7-9)

من عجائب القرءان انه يضع لفظة ((الغربي)) موضع ((الطور )) مطابقا ومرادفا له في..
قوله عز وجل :
(وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر ) القصص-44
ثم يكرر الغربي بلفظ الطور لا يفصل بين القولين إلا أية..
(وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ) القصص-46
وكأن الغربي ذاتها وبمحيض لفظها اسم موضوع لهذا الطور المبارك. وقد ظن بعض مفسري القرءان مثال الإمام القرطبى أن الغربي خلاف الطور فقالوا إن الطور هو موضع المنادة الأولى ليلة انس موسى من جانب الطور نارا فأراد أن يقتبس..
أما الغربي فهو موضع إنزال التوراة وتلقى الألواح في مواعدة موسى ثلاثين ليلة أتمهن بعشر ولا يصح هذا الذي قالوا به لقول الله عز وجل في تعيين موضع المواعدة...

(يا بنى إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن ) طه-80
وعليه فجانب الطور الأيمن إذا وجانب الغربي سواء والغربي والطور واحد وقد حار مفسرو القرءان في وصف هذا الجانب من الطور بأنه (الأيمن ) التي جاءت في كل القران ثلاث مرات فقط كلها في وصف جانب هذا الطور أو شاطئه والجانب والشاطئ واحد ثم وصفه بأنه (الغربي) التي وردت في القرءان مرة واحدة هي في اسم هذا الطور المبارك أو جانبه...
فقالوا إن الجبال لا يمين لها ولا يسار ولا غرب ولا شرق وإنما هو الذي على يمين موسى والى الغرب من موسى..

ففي قوله تعالي.. نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ نجدها لا تفيد ما نصبو إليه في البحث
لذلك نجد ما يفيد ويكمل ما نصبو إليه في قوله تعالي..

وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ (القصص44)


وثانيها، المكان الذي تم فيه لقاء موسى ربه:

فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (8) يَا مُوسَىٰ إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (9) النمل 7-9
فالله سبحانه قد بارك المكان الذي حول النار، وهو كذلك قد بارك المكان الأوسع:
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30)
وكانت هي الأرض التي ورثها القوم الذين استضعفوا:
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137)

وهي نفسها التي توجه إليها إبراهيم ولوط بعد ما جاء القحط وكاد يقتلهم هم وماشيتهم:
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ الأنبياء (71)

وهي نفسها التي كانت تجري فيها الرياح مسخرة لسليمان:
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۚ وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ الأنبياء (81)

ولو دققنا عزيزي القارىء في مفردات هذه الآيات لوجدنا التحديد الجغرافي للمكان، فعندما يذكر الله سبحانه لفظة تلك الأرض تكون المباركة فيها:

مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا

ولعلنا نعلم جميعاً أن واحدة من معاني حرف الجر "في" هو داخل الشيء، فليست البركة للأرض كلها وإنما لجزء منها داخل تلك الأرض، وإذا كنا قد علمنا تلك الأرض بشكل عام، فكيف نحدد المكان المبارك بشكل خاص؟

إننا نعتقد أن المكان الذي تمت المباركة حوله هو بالضبط ما ورد في معرض الحديث عن اللقاءات الشهيرة التي حصلت لموسى مع ربه، وهي مكان النار:

ولا شك أن جميع شرائع الأرض تقدس تلك البقعة الجغرافية من الأرض في حين أن تلك الشرائع لم تتولد فيها، فهي ليس أرض مولد وشريعة موسى، وهي ليست الأرض التي ولد فيها عيسي أبن مريم وهي ليست موطن رسالة محمد صلوات الله عليهم أجمعين، ولكن جميع تلك الشرائع تقدس تلك البقعة من الأرض وتعتبرها أرض مباركة، ويأتي سؤالنا عن سر هذا التقديس وهذه العلاقة مع تلك البقعة من الأرض على وجه التحديد..


وفي القصة نطرح سؤالاً آخر غريباً لكنه يلفت الانتباه وهو عندما ذهب موسى عليه السلام ليستطلع خبر النار، ناداه ربه على النحو التالي:

إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى
والسؤال: لماذا طلب الله من موسى أن يخلع نعليه؟
ويأتي الجواب معللاً في الآية نفسها على نحو
" إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى"

أن موسى كان حينئذ في "واد"، وعندما عاد موسى للقاء ربه في المرة الثانية كان موسى أيضاً في نفس الواد، والدليل على ذلك هو أنه عندما طلب موسى رؤية ألذات الإلهية مباشرة، كان رد ربه أن ينظر إلى الجبل، فالمنطقة بجغرافيتها تتضح في اللقاءين، وعندما منّ الله على بعض بني إسرائيل نتق فوقهم الجبل:

وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الأعراف (171)
ورفع فوقهم الطور، والمتتبع لقصة الطور يستطيع أن يلمح على الفور توافر عناصر الجغرافيا في المكان الذي نتحدث عنه:
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا ۖ قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ ۚ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ البقرة (93)

وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا النساء (154)

وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ ۚ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا مريم (52.51)

يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَىٰ طه (80)

فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (القصص)
وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ القصص (46)
وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (5)
الطور 1-5

نستنتج مما سبق ما يلي...
إن المكان جغرافيا يجب أن يتوافر فيه وادي فسيح وعن يمين موسي عليه السلام وهو ماضي في طريقه نحو النار جبل شريطة أن يكون عن يمينه وفي نفس الوقت يكون غربا وفي الجهة المقابلة لهذا الجبل جبل ثاني يكون شماله وأيضا في نفس الوقت شرقه كيف؟؟؟



موقع الوادي المقدس في القران 2
القادمة بإذن الله الأدلة المادية للمكان!!