المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (حَمْدَة وطبول الجن)



stylooo
07-12-2010, 04:11 PM
ن قلب الصحراء

من الربع الخالي (حَمْدَة وطبول الجن)

http://www.vb.6ocity.net/imgcache/10725.imgcache.jpg

يكتبها ويصورها: محمد اليوسفي
المسافر من وسط المملكة إلى غرب الربع الخالي يتجه جنوبا إلى السليل ثم يتجاوزها في طريق مسفلت يحاذي سلسلة جبال طويق التي تشكل سدا طبيعيا للجهة الغربية لمحمية عروق بني معارض، وهي المحمية الطبيعية الوحيدة في الربع الخالي، ثم يمر بقرية الفاو الأثرية إلى أن يبلغ مركز ظلماء التابع لإمارة نجران، وبعد ظلماء يصبح أمامه خياران من الطرق المسفلتة، فالأول أن يسلك الطريق الذي يربط السليل بنجران مباشرة وإذا أراد التوغل في جنوب الربع الخالي يتجه شرقا لمسافة ثلاثمائة كيلومتر ليبلغ شرورة، والآخر أن يسلك الطريق الذي يربط السليل بشرورة مرورا بمراكز الخالدية والمنخلي وتماني. ثم بعد شرورة الاتجاه شرقا بنحو خمسمائة كيلومتر حيث ينتهي الطريق المسفلت في محافظة الخرخير التي أخذت اسمها من وقوعها وسط عروق من الرمال تسمى عروق الخرخير، وهي على حافة حدودنا مع اليمن، وتبعد عن الرياض بنحو ثمانمائة كيلومتر(مسافة أفقية)إلى الجنوب الشرقي . هذه الطرق المسفلتة تخترق عددا من العروق والشقق(الخبب) في الربع الخالي. أطرف ما سمعت هناك أن بعض البسطاء كانوا يتوجسون إذا سلكوا - خلال ليالي الصيف - الطريق الرابط بين نجران وشرورة بسبب ما أشيع أن هناك جنية اسمها(حَمْدَة) تشاكس العابرين بشيئين فإما باطلاق أصوات متقطعة تشبه أصوات منبهات السيارات، وإما بإطلاق هدير قيل إنه مزيج من قرع طبول مع صراخ جنيات أخريات. سألت ولم أجد إجابة شافية حول ما إذا كانت هذه(خرافة مطورة)لها امتداد في المحكيات الشعبية في المنطقة. وقد قيل لي إن الجنية حمدة تعترض أيضا عابري الطريق المسفلت الذي يصل شرورة بالوديعة مرتدية ثوبا طويلا تستر به عيب رجلها التي تشبه ساق الحمار وحافره. وعلى أي حال، سواء كانت هذه حكاية متوارثة بين السكان قبل دخول السيارات إلى المنطقة أو بعد ذلك، فأظن أن في الحكاية جزء من(حقيقة) خافية.
(جنية بساق حمار تعترض قائدي المركبات) عنوان واحد لحكايات نسجت بصيغ مختلفة في كل مناطق الجزيرة العربية إبان دخول السيارات إلى المنطقة، وأعتقد أنه لم يعد هناك إلا القليل من البسطاء الذين يرددون مثل هذه الحكايات بنوع من التسليم بصحتها فلم يدركوا بعد أنها في أحسن الأحوال تزييف إخباري لخيالات بعض أبناء الجيل السابق من(السواويق وكدادة الطرق) الذين كانوا يجهدون أنفسهم بدنيا وذهنيا خلال عبور الصحاري، ورويت أحلامهم أثناء توقفهم لغفوة وترددت على أنها وقائع حقيقية.
أما مسألة الأصوات أو بالأحرى الهدير والطبول أو ما يوصف بأنه صراخ الجنيات في صحراء رملية كالربع الخالي فلا يعدو - في تقديري - كونه تفسيرا خرافيا لظاهرة طبيعية تنتج وسط تشكيلات محددة من الكثبان الرملية في أي مكان في العالم، تلك هي ظاهرة عزيف الرمال أو كما عرفت قديما عند العرب باسم عزيف الجن. وليس المقصود بهذه الظاهرة هفيف الرياح أو صفيرها، فعزيف الرمال أو كما يسميه بعض العوام طبول الجن هو أقرب إلى الهدير،، وقد يتعجب منه الذي ليس لديه سابق معرفة بحقيقته، إذ قد يحدث في السكون وانعدام هبوب الرياح، وهو مختلف(صوتا) بعضه عن بعض، إذ يشبه هدير محرك الطائرات المروحية أو صافرات أو أبواق السفن والمراكب البحرية أو هدير الجماهير في ملاعب كرة القدم إذا أطلقت صوتا بنغمة واحدة، وقد يحدث هذا الهدير متصلا مدة ثوان معدودات أو متقطعا، وقد ينطلق فجأة مدويا أو ينساب خافتا متدرجا في الارتفاع إلى أن ينقطع فجأة.
بالعودة إلى مصادر اللغة العربية فإن العَزِيف- كما جاء في لسان العرب: صوت في الرمل لا يُدْرَى ما هو، وقيل: هو وقوع بعضه على بعض. وعَزِيف الجنّ جَرْس أَصوات الجن، وقيل: هو صوت يسمع بالليل كالطبل، وقيل: هو صوت الرّياح في الجوّ فتَوهَّمَه أهل البادية صوت الجنّ. قال ذو الرمة:
ورمل عَزِيف الجنّ في عقداته
هدوءاً كتضراب المغنّين بالطَّبل
ومنذ القدم عرفت كثبان محددة في مواقع مختلفة من جزيرة العرب بارتباطها بظاهرة عزيف الجن أو الرمل العزاف أو الرمل الحنان.
وثمة تفسير علمي لظاهرة (عزيف الرمال) التي تحدث بسبب عوامل تتعلق بطبيعة التكوين الرملي نفسه وشروط وظروف أخرى محيطة. كيف؟
لاحظ الراصدون أن العزيف يحدث في الرمال التي تنهال بشكل طبيعي بسبب ميل الكثيب بزاوية محددة في الجهة المقابلة لاتجاه هبوب الرياح السائدة حيث يتشكل تكوين رملي دائم نسميه الهيال (الصورة)، وللتقريب هو تكوين لو وطأته بالقدم لانهالت طبقة جافة منه يقدر عمقها بشبر واحد وتحتها طبقة متماسكة جراء رطوبة الأرض، فتنهال حبيبات الرمل متراكمة فوق بعضها البعض إلى أسفل الكثيب (بطنه)، ولا يحدث ذلك إذا كان الرمل متماسكا ومتلبدا جراء هطول الأمطار(تذّكر حكاية حمدة والجنيات في الصيف). وبالإضافة إلى ذلك يشترط استمرار تماسك الطبقة السفلية التي تنزلق عليها قشرة الرمل العلوية، أي إن العزيف ينقطع فور حدوث الانهيارات الرملية، فضلا عن أن حبيبات الرمل لا بد أن تكون مكورة الشكل، بل إن المتخصصين يحددون حجمها فيما بين نصف مليمتر إلى مليمتر واحد، وتكون من تربة السيلكا(الرمل الزجاجي)، وثمة نظريات مختلفة لتحديد مصدر الصوت بدقة سعيا للإجابة على هل هو نتاج دوران حبيبات الرمل الزجاجي أثناء انزلاقها أو بسبب اتساقها واصطدامها بالهواء أو لأسباب أخرى بالتأكيد ليس للجن ولا (لحمدة المزعومة) علاقة بها.

صلاح الشريف
07-12-2010, 09:14 PM
الاستاذة المبدعة
ابداع رائع جداااااااااااااا
تقبلي مروري

stylooo
11-12-2010, 10:36 PM
نورت التوبيك
مرورك عطر

اميرة حبى انا
15-12-2010, 04:44 PM
اول مرة اعرف المعلومات دى