المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بعد حريق عمارة التوفيقية



abo trieka elking
16-03-2009, 09:19 AM
بعد حريق عمارة التوفيقية
شقق وسط البلد‏..‏ مخازن قابلة للاشـــــتعال‏!‏


تحقيق‏:‏وجيه الصقار
http://www.ahram.org.eg/archive/2009/3/16/44660_20m.jpgرجال الإطفاء على السلالم الكهربائية يواجهون الحريق
كشف حريق عمارة التوفيقية بشارع رمسيس عن قصور واضح في مواجهة أزمة الحرائق ووسائل الدفاع المدني إضافة لعجز الأحياء الواضح في الكشف عن ممارسات بعض الأشخاص بتحويل الشقق السكنية الي مخازن والتي ثبت منها أن معظم شقق وسط البلد والعتبة والموسكي مستخدمة كمخازن لأدوات ومصنوعات من كل نوع مما يهدد حياة السكان في حالة حدوث حريق‏.‏

ويؤكد الدكتور أحمد سيد مصطفي أستاذ إدارة الأعمال بجامعة بنها أن ما حدث يمكن أن يتكرر مادامت المشكلة قائمة ولأن كثيرا من المسئولين والمواطنين أيضا يجهلون طرق إدارة الأزمات في الحوادث والحرائق ولا يحرصون علي تجنبها برغم أن هناك جهازا ومعهدا لهذا التخصص‏,‏ والنتيجة أن حدثت حرائق من قبل وأقربها حريق مجلس الشوري‏,‏ كما أن الوقاية غائبة عن متابعة المساكن ورعايتها والتأكد من تصميم الكود الخاص بالأمان بها‏,‏ فالمخازن الذي تقام بالمساكن تعتبر قنبلة موقوتة وخطيرة علي السكان الذين يفاجأون بنشوب حريق هائل في موقع سكنهم‏,‏ ومأواهم نتيجة غيبة أجهزة الرقابة عن هذه المواقع‏.‏

وفي نفس الوقت فإن السكان عليهم مسئولية كبيرة في مثل هذه الأحوال بضرورة الإبلاغ عن مثل هذه المخالفات مهما تكن النتائج وتجنب التعرض لمثل هذه المخاطر‏.‏

فلا يمكن أن يكون المواطن سلبيا مع أشياء خطيرة تهدد حياته وأسرته‏.‏

عوامل تأمين
وأضاف‏:‏ من البديهيات أنه مع وجود سكان ومسكن أو أي مبني من أي نوع تكون هناك عوامل تأمين وأمان من أجهزة أطفاء وطرق للإنقاذ والهروب بينما يعتمد الناس علي العشوائية والمصادفة دون احتراس أمام بعض الناس الجشعين الذين يخالفون كل القوانين وهذا ما حدث بالفعل ويحدث في كثير من المساكن‏,‏ فالساكن ليس حرا فيما يفعل حتي وإن كانت الشقة تمليك لأنه بتصرفاته قد يكون سببا في وفاة أو خسارة بعض الأفراد من الشقق المجاورة وهذا ما حدث بمبني العمارة التي تعرضت للحريق برغم أن هذا السيناريو حدث في مبني مجلس الشوري‏.‏

وطالب أستاذ الإدارة بضرورة إعادة النظر في تكنولوجيا الحرائق واستراتيجية الإطفاء لدي المختصين لأن توقي أو منع الخطر أفضل من انتظاره ثم مواجهته‏,‏ فالمسئولية لدينا ضائعة لا تعرف من هو المخطئ وإذا ما حددته وجدت له مائة مبرر في خطئه‏,‏ فالمسئولون أصبحوا أكثر احتياجا لتعلم وتنفيذ برنامج مواجهة الأزمات وإدارتها‏,‏ وليس معقولا أن نخطيء نفس الأخطاء وتحدث نفس الحرائق بنفس النتائج وهذا أمر مخجل للغاية‏.‏

شقق وسط البلد
ويضيف د‏.‏ أيوب مصطفي أستاذ الحرائق بجامعة القاهرة أن‏50%‏ علي الأقل من شقق وسط البلد تحولت الي مصانع صغيرة أووحدات إنتاج للأحذية والملابس الجاهزة وغيرها مع غيبة الرقابة من جانب الحي والمحافظة خاصة أن تلك الصناعات معظمها نظام تحت السلم ومشكلة المشكلات أن كود الحرائق لم يطبق في مصر إلا في عام‏1997‏ وأن نطاق التطبيق لا يزيد علي أنه اجتهادي فليس هناك إلزام للناس في وضع طفايات أو وسائل إنقاذ في حالة الحريق ولا متابعة كاملة من الدفاع المدني مع الحي لذلك فإن‏99%‏ من المساكن المصرية غير آمنة من الحرائق غير أنه لا يمكن إغفال دوره في منع الترخيص لعمارات وأبراج لم تلتزم بكود الحريق‏,‏ وهذا ما حدث مع برج الزمالك الذي بدأ بناؤه في عام‏94‏ وانتهي مؤخرا لعدم التزامه بكود الحرائق وكذلك أبراج المنيب التي بلغت‏16‏ برجا وهذا يحسب للدفاع المدني‏.‏ وأضاف أن الكود الخاص بالحرائق يواجه مشكلة الكهرباء بضرورة أن تكون الأحمال متناسبة مع الاستهلاك والكابلات وبأن يكون القاعة بها‏10‏ أفراد وممرات للهروب وأجهزة مقاومة للحريق وصناديق خاصة به‏,‏ وأن يكون علي السلالم مراوح ضغط ضد الدخان لتأمين الأفراد وحتي لا يختنق الأفراد‏,‏ وهذا ما حدث مع رجال الدفاع المدني الذين أصيبوا باختناق‏,‏ وكل هذا ليس موجودا بالطبع في أي من المباني القديمة حتي قبل عام‏(1997)‏ فمحافظة القاهرة تركز علي الشكل والدهانات الخارجية للمباني ولا تهتم بسلامة المواطن الموجود بها أو تأمينه وهناك أحمال كهرباء اعمال بهذه المباني تساوي ما لا يقل‏500%‏ من طاقة الكابلات مما يعرضها للماس الكهربائي وحدوث الحرائق المتوقعة دائما في مثل هذه الظروف ما لم يحدث تغيير في عقلية القائمين علي حماية ورعاية حياة المواطن‏.‏

وأضاف أن هناك أخطاء بالتأكيد في عملية التأمين والإطفاء أولها أن التأمين والإطفاء مرتبط بنوعية معينة من المواد حسب مادة الحرائق فهناك الغاز الصلب الذي يسمي‏(FM200)‏ أو أكاسيد الأرجون وهو خرطوش يتحول للغاز فور الإطلاق‏,‏ وهناك البودرة الكيمائية من المساحيق الجافة ومن كبريتات الأمونيوم‏,‏ وكربونات الصوديوم والكالسيوم إضافة للسوائل مثل الماء وغاز الفوم ويستخدم الأخير في إطفاء حرائق البترول لأن كثافته أقل من الماء والماء يساعد علي زيادة الحريق‏,‏ ولكن الماء يستخدم في إطفاء الخشب والمنسوجات والورق أما أنسب شيء لحريق عمارة التوفيقية فكان البودرة من نوع‏(ABC).‏

وأشار أستاذ الحرائق الي أن أول شيء فيه خطأ هو استخدام شدات خشب في المبني والأفضل أن تكون معدنية لأن الحرائق زادت مع وجود الخشب بل وانتقلت الي الشقق الأعلي والسفلي وانتقلت بسهولة لتطيح بكل ما يعلق بها وانتشرت والمشكلة التي حدثت بالفعل هي استخدام المياه في الإطفاء لأنها كارثة مزدوجة أولا لأن المياه تقوم بعملية هدم منظمة للمبني كان يمكن تجنبها‏,‏ ثانيا‏:‏ أن الإطفاء للنار جاء بعد الحريق بمدة ليست محدودة أي بتسخين حديد المبني القديم لدرجة تصل الي ألف درجة وأن الأخطاء عبارة عن تبريد فجائي فينكمش الحديد وكان يمكن أن يحدث انهيار للمبني كما حدث في عمارة مصر الجديدة والتي راح ضحيتها‏9‏ أفراد من رجال الأطفاء‏.‏

أخطار المياه
وأشار أيضا الي أن استخدام المياه كان هو المتاح لعدم وجود امكانات لدي الدفاع المدني الذي يجب تطويره لخفض الخسائر والمجهود والحفاظ علي أرواح أفراده والمواطنين‏,‏ فالهدف في هذا الموقف الإطفاء بأي ثمن دون النظر لعواقب خطيرة قد تحدث وهي متوقعة بحدوث تصدعات وإنهيار بالمبني والجانب الآخر يكمن في ضرورة أن يتابع الدفاع المدني مثل هذه السلوكيات غير السوية ومنع استخدام الشقق كمخازن للبضائع أو غيرها أو لغير ما خصصت له‏,‏ والخطورة تتمثل أيضا في إطلاق المياه بالخراطيم علي المبني لمدة لا تقل عن‏4‏ ساعات متصلة وهو مبني قديم مهدد بالانهيار‏.‏

وأن الظاهرة مازالت قائمة من عدم الوقاية والتنفيذ ومواجهة مشكلات البناء العشوائي‏,‏ إضافة الي معظم شقق وسط البلد المستخدمة كمخازن في شوارع ضيقة لا تسمح لأجهزة الإطفاء بالدخول وهذا ما حدث مع مجلس الشوري من قبل‏.‏
جريدة الاهرام