المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكآبة خلف قناع المرح



إبراهيم البشبيشي
19-02-2009, 08:57 PM
الكآبة خلف المرح الشديد.. الشاعر كامل الشناوي نموذجاً!!
لعل كثيراً من الناس لايعلم بأن الاكتئاب الشديد قد يغطيه صاحبه بنوع من الظرف، وخفة الدم والسخرية، والفكاهة التي يظن معها الناس بأن هذا الشخص بعيداً كل البعد عن الاكتئاب.. اعرف اشخاصاً شخصياً ظرفاء جداً، والنكته لاتفارقهم، بل انهم ينشرون المرح اينما حلوا وحيثما ارتحلوا.. فتجد الجميع يبتهج لوجودهم ويفرح لأنهم سوف يجعلون الجلسة جلسة مرح وظرف، ويبعدون الكآبة عن المجلس الذي يحلون فيه.
لكن واقع الحال بالنسبة لبعض من هؤلاء (وانا اعرف شخصياً بعضاً ممن تنطبق عليهم هذه الصفة) ليس كما يبدو لمن يرون هذا الشخص في الاماكن العامة..! هم عندما يكونون وحيدون فإنهم يكونون في غاية الكآبة.. والحقيقة التي لايعرفها أحد بانهم يعانون من اكتئاب مرضي لكنهم يخفون هذا الاكتئاب وتلك الكآبة بقناع من الفكاهة وخفة الدم التي وهبها لهم الله سبحانه وتعالى كي يسعدون الآخرين، بينما هم لا يستمتعون بأي شيء..!!
ربما يكون أكبر واهم دليل على هذا الكلام الذي اكتبه هو حالة شاعر مرهف الحس، اشتهر بين معاصريه بخفة دمه، وقدرته الفائقة على السخرية من أي موقف، وتأليفه لمواقف ساخرة كي يمتع اصدقاءه ومحبيه. بل ان هناك من يسمية آخر ظرفاء العصر.
كامل الشناوي كان شاعراً فذاً، وشعره راق وحساس يعكس نفسية شخص مرهف الحس، ولعل الكثير من قصائده والتي اشتهرت بحكم انها غنيت من قبل كبار المطربين مثل قصيدته الشهيرة «لاتكذبي» والتي غنتها نجاة الصغيرة ومحمد عبدالوهاب وعبدالحيلم حافظ اضافة إلى اغان كثيرة غناها له كبار مطربي عصره.
هذ الشاعر المعروف والمشهور في مصر، كان شخصاً فريداً في سلوكة الخاص تجاه الآخرين، وكما وصفه الاستاذ الكبير صلاح حافظ: «لا أكاد اعرف اديباً او فناناً من جيلنا الحاضر غير مدين لكامل الشناوي.!
لا أقصد بهذا الدين الثقافي وحده. وانما اقصد الدين بمعناه المادي ايضاً. فقد كان كامل الشناوي حين يرعى موهبة جديدة يتحمل عنها جميع همومها: يشتري الكتب للأديب الناشئ، يصحب الفنان للترزي يفصل له ثياباً أفضل، يخصص حجرة في بيته لاقامة الشاعر الذي ليس له بيت، ينشر للكاتب الجديد في الصحيفة التي يعمل بها ويدفع له من جيبه دون ان يخبره بذلك».
عاش صحفي مصري اسمه يوسف الشريف مع كامل الشناوي السنوات العشر الأخيرة من حياته في عوالمه المتلألئه واجوائه الزاخرة.. شاهده وهو في قمة شهرته وإبداعه وحركته.. وشهد بعد ذلك مرحلة صراعه من أجل البقاء.. والحضور وكل شئ يفر منه. الصحة، المال، والحب.. وتابعه والموت يحوم ويرسم خطته باحكام. ثم ينفرد به داخل خيمة «الاوكسجين» حتى يرحل وحيداً.. بعد ان كان ملء السمع والبصر وكتب عنه كتاباً جميلا اطلق عليه «كامل الشناوي آخر ظرفاء العصر..!».
كان كامل الشناوي يعيش حياة صاخبة، فهو جليس الامراء والباشوات وكبار القوم في مصر قبل قيام ثورة 1952م وتولي الجيش السيطرة على الحكم فعاني كامل الشناوي بعض الصعوبات في بداية تولي الضباط الاحرار الحكم لكن سرعان مازال هذا الجفاف واصبح قريباً من مراكز السلطة الجديدة في مصر.
كان كامل الشناوي أكثر واشهر من يصنع المقالب الساخرة من الآخرين، وكذلك كان يروي النكات والقفشات الساخرة طوال الليل في مجالس السهر التي يرتادها هو ومجموعة من مثقفي مصر.
كان كامل الشناوي يعاني من بدانة مفرطة، وجعل من هذه الصفة، سلاحاً ايجابياً يسخر هو به من نفسه ليضحك الآخرين ولكن بطريقة راقية ليس بها تقليل من شأنه لكنه السلاح الذي يلجأ اليه الشخص اذا كان يعاني من نقطة ضعف ما، كما هو الحال في بدانته المفرطة مما اضطره، وربما لاشعورياً بأن يجعل من بدانته نقطة للمداعبة حتى لا يجرحة الآخرون..! وقد كان كامل الشناوي يعيش في عصر به الكثير من الساخرين من الكتاب مثل حافظ ابراهيم، عبدالعزيز البشري، امام العبد، عبدالحميد الديب وبيرم التونسي، لكن كان كامل الشناوي يتفوق على الجميع بسبب تنوع اساليبه، ما بين نكته ذكية، وقفشة مرحة وسخرية لاذعه وتقليد للاصوات والحركات ومقالبه المحبوكة التي ذاع صيتها.
هذا الكاتب المبدع المرح، الساخر، صاحب المقالب الكبيرة لاضحاك الزملاء والاصدقاء.. كان يعود آخر الليل وحيداً إلى شقته، حيث لا زوجة ولا اطفال ولا اصدقاء.. كان يضع كل همومه في الاكل، فقد روى الاستاذ يوسف الشريف بأن كامل الشناوي كان يأكل عندما يعود إلى منزله كميات كبيرة من الأكل هي اشبه ما كان بمرض شراهة الاكل.
ربما يعرض مأساته في قصيدة شهيرة:
عدت يايوم مولدي.. عدت يا أيها الشقي
ليت يايوم مولدي.. كنت يوماً بلاغدٍ
أنا عمر بلا شباب.. وحياة بلا ربيع
اشتري الحب بالعذاب.. اشتريه فمن يبيع..؟!!
إنها صورةٍ من اشخاص كثيرين يعيشون بيننا يضحكون الآخرين وهم في كآبة مرضية ولكنها من الممكن علاجها .


أعتقد أن الكثيرين منا من الممكن أن يعانوا من هذه المشكلة حتى وإن لم يدركوا هم كذلك فما رأيكم يا ترى ؟

fagrmasr01
19-02-2009, 09:19 PM
هو أكثر من عشقت وعشق جيلى من شعراء وقته
هو رجل يملك ناصية الحزن الحقيقى بكلمات قليلة معبرة عن زلزال كبت وانفجار مدمر لقهر داخلى شرس وعنيف

ويكفينى منه

لا لا لا تكذبى .. انى رأيتكما معا
ودعى البكاء فقد كرهت الأدمعا


ويضنينى حين يقول

أحببتها وظننت أن لقلبها نبض كقلبى لا تقيـــــــده الضلوع
أحببتها .. واذا بها قلب بلا نبض .. سراب خادع.. ظمأ وجـوع


ويعكس حزنى وكآبتى حين يقول

سكنت ثورتى .. فصار سواء .. أن تلينى .. أو تجنحى للجمـوح
واهتدت حيرتى.. فسيّان عندى أن تبوحى بالحب أو لا تبوحى
وخيالى الذى سما بكى يوما .. ياله اليوم من خيال كسيح

أشجيتنا يا ابراهيم ووصلت بنا الى قامات المبدعين حقا

ومع الاسف فهذا قدر الشعراء .. حساسية تكاد تكون مفرطة .. مرهفة .. فيتعذبون وتتألم قلوبهم وتنجرح خواطرهم وان تظاهروا بالحكمة او الظرف او الجمود
هو قدر

ابراهيم .. بارك الله فيك .. آمين

إبراهيم البشبيشي
19-02-2009, 09:51 PM
متشكر أوي على مرورك وردك الكريم يا عم جمال

خلود
19-02-2009, 10:07 PM
على فكره انا بحبه اوى الشاعر ده وبحب كتاباته جدا واشعاره

وفعلا هو كان فريدا جدا فى سلوكه وبجد موضوع جميل ابراهيم واخترت فعلا شاعر فظيع فى احاسيسه

تسلم الايادى

إبراهيم البشبيشي
19-02-2009, 10:16 PM
الله يخليكي متشكرين يا خلود بجد نورتي التوبيك ده ويا رب كده اختياراتي المنقولة تعجبك على طول هههههههههههه

اميرة حبى انا
20-02-2009, 02:09 AM
انا مؤمنة جدا ان الموضوع المنقول بيرجع لشخصية ناقله
يعنى ميبقاش نقل وخلاص
زيادة مواضيع وبس
وانت ماشاء الله
منقول مش منقول
كله احلى من كله

إبراهيم البشبيشي
28-02-2009, 10:17 PM
يا سلام ما أجمل ردودك يا اميرة

يا ريت تكوني متابعة

ويا ريت .. بجد يا ريت

تفضلي معانا