محمود التهامي
28-05-2010, 04:14 PM
دكتور/ مصطفى محمود
د. مصطفي محمود ضمن كتاب' اعظم عقول القرن21'
المفكر د. مصطفي محمود اختارته مؤسسة السيرة الذاتية الامريكية ضمن120 مفكرا من مختلف دول العالم يضمهم كتاب يحمل اسم' اعظم العقول في القرن ال21' ويتضمن الكتاب السيرة الذاتية لاصحاب الانجازات من الكتاب والفلاسفة والعلماء والفنانين واصحاب المشاريع والمخترعين والقادة. ومن المقرر اصدار هذا الكتاب مع بداية العام المقبل وسيتم توزيعه في جميع انحاء العالم.. وقد تم تصميم بعض الميداليات التذكارية والاوسمة التي سيتم اهداؤها علي الشخصيات المختارة من جميع انحاء العالم. وقد ارسلت المؤسسة خطابا الي د. مصطفي محمود يفيد بهذا الاختيار
1- النشأة
مصطفى كمال محمود حسين
المولد فى شبين الكوم منوفية فى 25/12/1921
الأسرة متوسطة و الأب موظف (سكرتير فى مديرية الغربية) متدين و قدوة فى كمالاته الأخلاقية و صبره و إحتماله ومثابرته و حبه للعمل و مواظبته عل الصلاة فى أوقاتها لم تفته صلاة الفجر فى وقتها بالمسجد .. محب لأولاده فدائى فى خدمتهم (و كذلك الأم)
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
2-المناخ التربوى
رسبت ثلاث سنوات فى السنة الأولى الإبتدائية فتركنى الأهل على حالى دون تغليظ أو تعنيف . كنت كثيراً ما أرقد مريضاً و أنا طفل .. و لذلك حرمت من اللعب العنيف و الإنطلاق الذى يتمتع به الأطفال .. و كانت طفولتى كلها أحلام و خيال و إنطواء . و كنت دائماً أحلم و أنا طفل بأن أكون مخترعاً عظيماً أو مكتشفاً أو رحالاً أو عالماً مشهوراً .. و كانت النماذج التى أحلم بها هى كريستوفر كولمبس و أديسون و ماركونى و باستير . الحياة فى طنطا فى جوار السيد البدوى و حضور حلقات الذكر و المولد و الناى و مذاق القراقيش و إبتهالات المتصوفة والدراويش .. كان لها أثر فى تكوينى الفنى و النفسى
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
3- الأحداث الجوهرية
كان مرض الوالد بالشلل لمدة سبع سنوات ووفاته سنة 1939و كان ذلك حينما أكملت دراستى الثانوية و قررت دخول كلية الطب . و إنتقلنا بعد ذلك من طنطا الى القاهرة مع الوالدة
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
4-سنوات المراهقة
كانت اشبه بمغالبة حصان جامح .. يفلت لجامه مرة و أكبح جماحه و أحكمه مرات .. و لم يكن الصراع سهلا بل كان شاقا و طويلا وخلف وراه جسما مغطى بالكدمات و الجراح
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
5-الدراسة
اخترت دراسة الطب و شعرت ساعتها أنها ترضى فضولى و تطلعى الى العلم و معرفة الأسرار ـ و كانت الدراسة صعبة وتحتاج الى ارادة و تركيز و نوع من الإنقطاع و الرهبانية .. واحتاج الأمر منى الى عزم و ترويض ومعاناة .. و كان حبى للعلم و طموحى يساعدنى ، و كانت صحتى الضعيفة تخذلنى .. و بدنى المعتل يضطرنى الى الإعتكاف من وقت لآخر فى الفراش .
و فى السنة الثالثة طب إحتاج الأمر الى علاج بالمستشفى سنتين و أدى هذا الإنقطاع الطويل الى تطور إيجابى فى شخصيتى .. إذ عكفت طول هذه المدة على القراءة و التفكير فى موضوعات أدبية. و فى هاتين السنتين تكونت فى داخلى شخصية المفكر المتأمل و ولد الكاتب الأديب و حينما عدت الى دراسة الطب بعد شفائى كنت قد أصبحت شخصاً آخر . أصبحت الفنان الذى يفكر و يحلم و يقرأ و يطالع بإنتظام أمهات كتب الأدب و المسرح و الرواية . و بسبب هذه الهواية الجديدة التى ما لبثت أن تحولت الى إحتراف و كتابة منتظمة فى الصحف فى السنوات النهائية بكلية الطب .. إحتاج الأمر وقت مضاعف لكى أنجح و أتخرج (بدأت أكتب فى مجلتي التحرير و روز اليوسف) . و حينما تخرجت فى سنة 1953 كان زملائى قد سبقونى فى التخرج بسنتين و ثلاثة . و أستطيع أن أقول أن المرض و المعاناة و العزلة الطويلة فى غرف المستشفيات قد فجرت مواهبى . و الألم كان الأب الحقيقى والباعث لكل هذه الإيجابيات و المكاسب التى كسبتها كإنسان و فنان وأديب و مفكر . و الألم أيضاً هو الذى صقل أخلاقى و جلا معدن نفسى و فجر الحس الدينى فى داخلى و كان أداة التنوير و الصحوة و التذكير بالله
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
6-رحلتى من الشك إلى الإيمان
لم تكن بسبب إنكار أو عناد أو كفر و إنما كانت إعادة نظر منهجية حاولت أن أبدأ فيها من جديد بدون مسلمات موروثة . و لم أفقد صلتى بالله طوال هذه الرحلة .. و إن كنت قد بدأت قطار الفكر و قطار الدين من أوله من عند الصفحة الأولى .. من مبدأ الفطرة .. و ماذا تقوله الفطرة بدون موروثات . و إنتهيت من الرحلة الى إيمان أشد و عقيدة أرسخ و إنعكست الرحلة فى ال 89 كتاب التى ألفتها
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
7-كانت حياتى رحلات مستمرة
بدأتها برحلة الى الغابات الإستوائية فى تنجانيقا و أوغندة و كينيا و جنوب السودان حيث عشت شهرين فى قبيلة نيام نيام و من بعدها قمت برحلة فى الصحراء الكبرى - قى واحة غدامس حيث عشت شهراً مع قبيلة الطوارق . و كانت رحلاتى الأخرى الى عواصم أوروبا و أمريكا .. قضيتها متجولا بين إيطاليا و ألمانيا و اليونان و فرنسا و إنجلترا و كندا و أمريكا .. و الى البلاد العربية من المغرب و الجزائر غرباً الى لبنان و سوريا و السعودية شرقاً .
و كانت لى رحلة آخرى داخل نفسى ركبت فيها سفينة العلم و المعرفة و الفلسفة و الدين ( بدءاً من الفيدات الهندية و زراد شت و بوذا و إنتهاءاً بموسى و عيسى و محمد صلى الله عليه و سلم ) حيث وجدت بين صفحات القرآن قرارى و مسكنى و راحتى و حيث القيت عصا الترحال و أدمنت الفكر و التأمل و عاشرت الفقهاء و العلماء و الصوفية ووجدت القرآن بحراً تلتقى فيه كل روافد المعرفة . و كانت لى خمسة كتب فى نقد الفكر الماركسى .. أكذوبة اليسار الإسلامى .. الماركسية و الإسلام ..
لماذا رفضت الماركسية .. المسيح الدجال .. سقوط اليسار .. و كانت عندى قناعة ثابتة بأن الماركسية كانت إحدى . معاول تدمير الحضارة الحالية ..
و أسوأ من ذلك كانت الأداة التى خلقت الإنسان الحاقد الرافض و المخرب .. نشر لى 89 كتاباً بينها ست مسرحيات مثلت على المسرح (الزلزال .. الإنسان و الظل .. الأسكندر الأكبر .... الزعيم .. أنشودة الدم .. شلة الأنس .. الشيطان يسكن فى بيتنا) و روايـة ظـهرت فى السينما (المستحيل)
.. و خمس و عشرون كتاباً فى الإسلاميات و ثلاث روايات طويلة و الباقى دراسات و قصص قصيرة .
و قدمت للتلفزيون أكثر من أربعمائة حلقة من برنامج العلم و الإيمان و هو برنامج يتخذ من الصورة و المادة العلمية و التأمل الصوفى مدخلاً إلى الإيمان بالله . و لو سئلت بعد هذا المشوار الطويل من أكون .. هل أنا الأديب القصاص أو المسرحى أو الفنان أو الطبيب لقلت كل ما أريده أن أكون مجرد خادم لكلمة لا إله إلا الله و أن أكون بحياتى و بعلمى دالاً على الخير . إلتقيت بالعقاد فى بداية هوايتى الأدبية و شجعنى و كان يتلو قصصى على ضيوفه فى ندوة الجمعة ..
و ساعدنى على نشرها فى مجلة الرسالة سنة 1947.
و التقيت بكامل الشناوى و شجعنى بنشر مقالاتى و قصصى فى مجلة آخر ساعة سنة 1948 . ه فى سنة 1960 استقلت من عملى كطبيب و تفرغت للكتابة فى الصحف . فترة إنتقالى بالطب بين 1953 - 1960 ( و فى مصحة العباسية الصدرية و مصحة الماظة الصدرية و مستشفى دمياط الصدرى و مستوصف أم المصريين) كانت لها آثار خصبة ظهرت فى كتاباتى .. عنبر 7 .. شلة الأنس .. أكل عيش .. و كانت لها اثر فى المدخل العلمى و التشريحى الى المشاكل الإجتماعية و الى النفس الإنسانية .. و الى الشخصيات التى أكتب عنها . شخصية والدى و مرضه الطويل و صبره و إحتماله و إيمانه و نقاؤه الخلقى .. كان مثالاً أمامى دائماً .. و كان قوة مؤثرة و إيجابية فى حياتى طول الوقت .
لم تنقطع علاقتى بالمرأة صداقة و حواراً و حباً و عشقاً منذ نضجت و منذ بدأت أخوض الحياة فى سن الثلاثين . وكان ضعفى أمام الجمال دائماً سبباً لعثراتى و لا أعتقد ان الرجل يمكن أن يكون رجلاً سوياً بدون إمرأة يحبها ويتزوجها و ينجب منها و يشعر بالأبوة و إنشاء الأسرة .
لم أوفق فى زواجى الأول سنة 1961 (أنجبت فيه أمل و أدهم) و إنتهى بالطلاق سنة 1973 و لا زواجى الثانى سنة 1983 الذى إنتهى بالطلاق فى سنة 1987 . كانت شخصية الفنان و الكاتب بشروده و إستغراقه فى العمل وإنقطاعه الى الوحدة سبباً فى فشل هذه الزيجات و لم يكن الطرف الآخر هو الملوم وحده و إنما كلانا كان ملوماً . و قررت بعد الفشل الثانى أن أعطى نفسى بالكلية لرسالتى و هدفى كداعية إسلامى و مؤلف و كاتب و أديب ومفكر .. وقد إقتنعت تماماً بأن هذا قدرى .. و رضيت به . ومنذ هذا الحين و أنا أعيش فى جناح صغير بمسجدى بالمركز الإسلامى بالدقى .. أغرق وحدتى فى العمل المتواصل و العمل الناجح الموفق فى نظرى هوعلاج لكل الأمراض البدنية و العلل النفسية .. والقدرة على العمل و الانتاج اكبر نعمة يمنحها الله لعبده . تعودت ان اعطى ظهرى لكل حقد او حسد او عداء و لا اضيع وقتى فى الاشتباك مع هذه الاشياء .. و أفضل أن أتجنبها و أتجنب أصحابها حتى لا أبدد طاقتى فى ما لا جدوى وراءه .
إنتصاراتى على نفسى هى أهم انتصارات فى حياتى .. و كانت دائما بفضل الله و بالقوة التى أمدنى بها و بالبصيرة و النور الذى نور به طريقى .. و بالقدوة الصالحة التى أخذتها من الأب و من الأم ومن البيت الطيب الذى نشأت فيه هزيمة سنة 1967 و الإنهيار الإقتصادى
و الأخلاقى فى بلادنا كانت المشكلة الأولى و ما زالت الهم الأول الذى يشغل بالى و بال كل مصرى و إذا كان إنتصار 1973 قد خفف هذا الإحساس إلا أن الزلزال الإشتراكى تتداعى آثاره المدمرة فى مجتمعنا المصرى الى الآن . و أعتقد أنه يجب الخروج من المستنقع الإشتراكى و من بقايا الإقتصاد الشمولى الذى خلفه عبد الناصر (القطاع العام و المجانية العشوائية فى التعليم و الخمسين فى المائة عمال و فلاحين ..
و الظلم الواقع على المالك من مستأجر الأرض التى لا يزرعها بل يعود فيؤجرها هو الآخر من الباطن .. هجرة الريف الى المدينة .. و إنهيار الزراعة ..وروح الكسل و التواكل و الحقد و الحسد و عدم الإنتماء و السلبية التى خلفتها الإعتمادية الإشتراكية على الدولة (فى كل شئ) يجب الخروج تماماً من هذا المنهج الناصرى الفاشل والمخرب لأنه لا يمكن البناء على أساس فاسد .. و لا يمكن رفع البنيان على خراب .. و للأسف و رغم تغير منهجنا الإقتصادى تماماً إلا أن دستورنا مازال يستلهم الفشل الماركسى .كارثة التعليم هى المشكلة رقم 1 التى يجب التصدى لها .. أسلوب التعليم .. و المناهج .. كل هذا يجب أن يتغير .
أخلاقيات العمل و الدأب و المثابرة يجب أن تكون الهم الأول .
و بالعلم و العمل ينهض الإقتصاد و يتحول الإنفجار السكانى الى بركة فلسنا أكثر تعداداً من اليابان .. و لسنا أكثر تعداداً من الهند .. و قد إستطاعت الهند أن تغطى إحتياجاتها من القمح لان كل الأيدى تعمل ..
و استطاعت اليابان أن تهزم الإنتاج الأمريكى لان الكل يعمل .. و استطاعت كوريا الجنوبية و سنغافورة
و ماليزيا و هونج كوتج أن تقفز الى الصدارة. العمل عبادة .. العمل صلاة .. العمل دين
حينما تقوم التربية فى البيت و المسجد و المصنع و المدرسة و أجهزة الإعلام على هذا المبدأ فانا نكون قد وضعنا أقدامنا على أول الطريق .. و فى سنغافورة التعداد الكلى للسكان 3 مليون و الإنتاج الكلى المصدر الى الخارج سبعون ملياراً من الدولارات و هى لا يوجد فيها بترول و لا غاز طبيعى و لا حديد و لا نحاس
و لا خامات معدنية .. حتى الماء تشتريه من جاراتها .
وهونج كونج و هى مدينة واحدة تنتج و تصدر أضـعاف ما تصدر مصر ذات الستين مليوناً من البشر .. لانهم جميعاً يعملون .متى نخرج من قوقعة الحقد و الكسل و الخراب النفسى الذى جلبته علينا حكوماتنا الشمولية
و نعود أمة عاملة منتجة و متى نعود الى الفطرة السوية و الى العقل الناشط الذى يتميز به المسلم الحقيقى .
أحلم بأن أكون "أنا" لا أكثر و أن أستطيع أن أخرج للدنيا أفضل ما فى نفسى و أن أظل أعطى حتى أموت مقرباً من الله راضياً عنى و ربنا يطلعنا منها على خير موجز الهجرة الفكرية
كانت حياتى الأدبية فى خلال ثلاثين عاما و عبر 56 كتابا هجرة مستمرة نحو إدراك الحياة و البحث عن الحقيقة .. و كان كل كتاب محطة على طريق هذا السفر الطويل كانت المجموعة الأولى من الكتب التى صدرت فيما بين 1954 ، 1958 تمثل المرحلة المادية العلمانية و فيها قدمت كتبى : الله و الإنسان - أبليس
و مجموعة قصص أكل عيش و عنبر 7 و فى هذه القصص حاولت أن اصور المجتمع من منظور واقعى صرف وكان موقفى من المسلمات الدينية هو مواقف الشك و المناقشة و كانت المرحلة الثانية هى بداية الشك فقد اتضح لى عجز الفكر العلمى المادى عن ان يقدم تفسيراً مقنعاً للحياة و الموت و الإنسان و التاريخ و فى هذه المرحلة وقفت أمام الموت منكراً ومستنكراً أن يكون الإنسان هو هذه الجثة التى آراها أمامى وأنه هو مجموعة عناصر الكربون و الأيدروجين و الأوكسوجين و النحاس و الحديد و الكبريت و الكوبالت و المنجنيز الى آخر العناصر العشرين التى تتألف منها طينتنا و ترابنا .. لا لا يمكن أن يكون الإنسان هو مجرد هذه الأحشاء الملفوفة فى قرطاس من الجلد .. و إنما الحقيقة الإنسانية لا بد أن تكون متجاوزة لكل هذا القالب المادى المحدود .. و علينا أن نبحث عن حقيقته فيما قبل الميلاد و فيما بعد الموت و فيما وراء الطبيعة .. و فى هذه المرحلة كتبت مؤلفاتى : لغز الحياة و رواية المستحيل .. و تكاد تبوح رواية المستحيل فيما بين سطورها بهذا العطش الصوفى و الروح الرومانتيكية .
و تستمر هذه المرحلة الى آوائل الستينات و فى 1962 أهاجر هذه المرة بالقدم و الجسد فى محاولة لإستكشاف الحقيقة فى الغابات الإستوائية العذراء فى جنوب السودان و كينيا و أوغندا و تنزانيا و اعيش شهرين فى قبيلة نيام .. و تعقب ذلك رحلة أخرى الى قلب الصحراء الكبرى فى واحة غدامس حيث أعيش شهراً مع الرجال الملثمين فى قبيلة الطوارق و تكون ثمرة هذه الرحلات فى ثلاثة كتب هى : الغابة و مغامرة فى الصحراء
و حكايات مسافر وذلك عن رحلة ثالثة الى أوروبا . ثم بعد ذلك تأتى المرحلة الرابعة التى أحاول أن اركب فيها سفينة العلم لاهاجر الى ما وراء العلم فى مغامرة لاكتب لوناً جديداً من أدب الرواية العلمية و فى هذه المرحلة قدمت روايات العنكبوت:و الخروج من التابوت .. و رجل تحت الصفر التى حازت على جائزة الدولة فى وقت متأخـر فى عام 1970.. ه وفى هذه المرحلة أيضاً كتبت آينشتاين و النسبية .
ثم تواكب هذه المرحلة و تأتى بعدها مرحلة أدبية قدمت فيها معظم أعمالى الأدبية ومنها: مسرحية الزلزال ومسرحية الإنسان و الظل ومسرحية الأسكندر الأكبر و مجموعات قصص مثل: رائحة الدم و شلة الأنس
و روايات إجتماعية مثل الأفيون .
وفى آواخر الستينات أدخل عالم الأديان فى سيرة طويلة تبدأ بالغيدات الهندية و البوذية و الزرادتشية
و الثيوصوفية و اليوجا ثم اليهودية و المسيحية و الإسلام .. و إنتهى الى شاطئ القرآن الكريم ..
و فى بحر الصوفية الإسلامية أجد جميع الينابيع و جميع الجداول و كل الأنهار .. و أجد الإجابات لكل ما كنت أبحث عنه من مشاكل أزلية .
وهكذا تأتى مرحلة التحول الكامل إلى الإيمان و تتوالى مجموعة من كتب الإسلاميات : القرآن محاولة لفهم عصرى .. رحلتى من الشك إلى الإيمان .. الله .. محمد .. الكعبة .. التوراة .. الشيطان يحكم .. الروح
و الجسد .. حوار مع صديقى الملحد . و تغطى هذه المرحلة سنوات السبعينات
و فى هذه المرحلة أتخذ موقفاً صريحاً مناهضاً للفكر الماركسى و الفكر الشيوعى .. و أقدم كتب : الماركسية و الإسلام ..لماذا رفضت الماركسية .. أكذوبة اليسار الإسلامى .. كما أناقش كل ألوان الغزو الفكرى من وجودية الى عبثية الى فوضوية الى مذاهب الرفض و التمرد و اللامعقول
ثم بعد ذلك و فى آواخر السبعينات تأتى المرحلة الصوفية و فيها أقدم الثلاثية: الصوفية .. السر الأعظم .. و رأيت الله .. الوجود والعدم كما أقدم أسرار القرآن .. و القرآن كائن حى .. و مجموعات قصص مثل نقطة الغليان و أناشيد الأثم و البراءة و مسرحيات مثل الشيطان يسكن فى بيتنا و مسرحية الطوفان
دراسات فى الحب مثل عصر القرود
رواية سياسية هى المسيح الدجال
تلك كانت رحلتى بطول ثمانين عاماً وبعرض 89 كتاباً تشهد على عصر من نافذة عقل يعيش و ينفعل و يري و يكتب و ينقد ما يجرى فى الشارع المصرى و حوله و أرانى قد إخترت بعد هذه الرحلة العلم والإيمان منهجاً والديمقراطية أسلوباً سياسيا للحكم .. و الإسلام ديناً .. و لا اله الا الله راية.
و رغم كل شى فانا ما زلت أرانى فى بداية الطريق و كل ما كتبت هو فى نظرى لا أكثر من مسودة ناقصة وبين ما أنجزت و بين ما أحلم به بون شاسع و ما زلت أتتلمذ كل يوم على كل إنسان .
منقول
د. مصطفي محمود ضمن كتاب' اعظم عقول القرن21'
المفكر د. مصطفي محمود اختارته مؤسسة السيرة الذاتية الامريكية ضمن120 مفكرا من مختلف دول العالم يضمهم كتاب يحمل اسم' اعظم العقول في القرن ال21' ويتضمن الكتاب السيرة الذاتية لاصحاب الانجازات من الكتاب والفلاسفة والعلماء والفنانين واصحاب المشاريع والمخترعين والقادة. ومن المقرر اصدار هذا الكتاب مع بداية العام المقبل وسيتم توزيعه في جميع انحاء العالم.. وقد تم تصميم بعض الميداليات التذكارية والاوسمة التي سيتم اهداؤها علي الشخصيات المختارة من جميع انحاء العالم. وقد ارسلت المؤسسة خطابا الي د. مصطفي محمود يفيد بهذا الاختيار
1- النشأة
مصطفى كمال محمود حسين
المولد فى شبين الكوم منوفية فى 25/12/1921
الأسرة متوسطة و الأب موظف (سكرتير فى مديرية الغربية) متدين و قدوة فى كمالاته الأخلاقية و صبره و إحتماله ومثابرته و حبه للعمل و مواظبته عل الصلاة فى أوقاتها لم تفته صلاة الفجر فى وقتها بالمسجد .. محب لأولاده فدائى فى خدمتهم (و كذلك الأم)
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
2-المناخ التربوى
رسبت ثلاث سنوات فى السنة الأولى الإبتدائية فتركنى الأهل على حالى دون تغليظ أو تعنيف . كنت كثيراً ما أرقد مريضاً و أنا طفل .. و لذلك حرمت من اللعب العنيف و الإنطلاق الذى يتمتع به الأطفال .. و كانت طفولتى كلها أحلام و خيال و إنطواء . و كنت دائماً أحلم و أنا طفل بأن أكون مخترعاً عظيماً أو مكتشفاً أو رحالاً أو عالماً مشهوراً .. و كانت النماذج التى أحلم بها هى كريستوفر كولمبس و أديسون و ماركونى و باستير . الحياة فى طنطا فى جوار السيد البدوى و حضور حلقات الذكر و المولد و الناى و مذاق القراقيش و إبتهالات المتصوفة والدراويش .. كان لها أثر فى تكوينى الفنى و النفسى
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
3- الأحداث الجوهرية
كان مرض الوالد بالشلل لمدة سبع سنوات ووفاته سنة 1939و كان ذلك حينما أكملت دراستى الثانوية و قررت دخول كلية الطب . و إنتقلنا بعد ذلك من طنطا الى القاهرة مع الوالدة
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
4-سنوات المراهقة
كانت اشبه بمغالبة حصان جامح .. يفلت لجامه مرة و أكبح جماحه و أحكمه مرات .. و لم يكن الصراع سهلا بل كان شاقا و طويلا وخلف وراه جسما مغطى بالكدمات و الجراح
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
5-الدراسة
اخترت دراسة الطب و شعرت ساعتها أنها ترضى فضولى و تطلعى الى العلم و معرفة الأسرار ـ و كانت الدراسة صعبة وتحتاج الى ارادة و تركيز و نوع من الإنقطاع و الرهبانية .. واحتاج الأمر منى الى عزم و ترويض ومعاناة .. و كان حبى للعلم و طموحى يساعدنى ، و كانت صحتى الضعيفة تخذلنى .. و بدنى المعتل يضطرنى الى الإعتكاف من وقت لآخر فى الفراش .
و فى السنة الثالثة طب إحتاج الأمر الى علاج بالمستشفى سنتين و أدى هذا الإنقطاع الطويل الى تطور إيجابى فى شخصيتى .. إذ عكفت طول هذه المدة على القراءة و التفكير فى موضوعات أدبية. و فى هاتين السنتين تكونت فى داخلى شخصية المفكر المتأمل و ولد الكاتب الأديب و حينما عدت الى دراسة الطب بعد شفائى كنت قد أصبحت شخصاً آخر . أصبحت الفنان الذى يفكر و يحلم و يقرأ و يطالع بإنتظام أمهات كتب الأدب و المسرح و الرواية . و بسبب هذه الهواية الجديدة التى ما لبثت أن تحولت الى إحتراف و كتابة منتظمة فى الصحف فى السنوات النهائية بكلية الطب .. إحتاج الأمر وقت مضاعف لكى أنجح و أتخرج (بدأت أكتب فى مجلتي التحرير و روز اليوسف) . و حينما تخرجت فى سنة 1953 كان زملائى قد سبقونى فى التخرج بسنتين و ثلاثة . و أستطيع أن أقول أن المرض و المعاناة و العزلة الطويلة فى غرف المستشفيات قد فجرت مواهبى . و الألم كان الأب الحقيقى والباعث لكل هذه الإيجابيات و المكاسب التى كسبتها كإنسان و فنان وأديب و مفكر . و الألم أيضاً هو الذى صقل أخلاقى و جلا معدن نفسى و فجر الحس الدينى فى داخلى و كان أداة التنوير و الصحوة و التذكير بالله
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
6-رحلتى من الشك إلى الإيمان
لم تكن بسبب إنكار أو عناد أو كفر و إنما كانت إعادة نظر منهجية حاولت أن أبدأ فيها من جديد بدون مسلمات موروثة . و لم أفقد صلتى بالله طوال هذه الرحلة .. و إن كنت قد بدأت قطار الفكر و قطار الدين من أوله من عند الصفحة الأولى .. من مبدأ الفطرة .. و ماذا تقوله الفطرة بدون موروثات . و إنتهيت من الرحلة الى إيمان أشد و عقيدة أرسخ و إنعكست الرحلة فى ال 89 كتاب التى ألفتها
http://www.vb.6ocity.net/imgcache/2461.imgcache.gif
7-كانت حياتى رحلات مستمرة
بدأتها برحلة الى الغابات الإستوائية فى تنجانيقا و أوغندة و كينيا و جنوب السودان حيث عشت شهرين فى قبيلة نيام نيام و من بعدها قمت برحلة فى الصحراء الكبرى - قى واحة غدامس حيث عشت شهراً مع قبيلة الطوارق . و كانت رحلاتى الأخرى الى عواصم أوروبا و أمريكا .. قضيتها متجولا بين إيطاليا و ألمانيا و اليونان و فرنسا و إنجلترا و كندا و أمريكا .. و الى البلاد العربية من المغرب و الجزائر غرباً الى لبنان و سوريا و السعودية شرقاً .
و كانت لى رحلة آخرى داخل نفسى ركبت فيها سفينة العلم و المعرفة و الفلسفة و الدين ( بدءاً من الفيدات الهندية و زراد شت و بوذا و إنتهاءاً بموسى و عيسى و محمد صلى الله عليه و سلم ) حيث وجدت بين صفحات القرآن قرارى و مسكنى و راحتى و حيث القيت عصا الترحال و أدمنت الفكر و التأمل و عاشرت الفقهاء و العلماء و الصوفية ووجدت القرآن بحراً تلتقى فيه كل روافد المعرفة . و كانت لى خمسة كتب فى نقد الفكر الماركسى .. أكذوبة اليسار الإسلامى .. الماركسية و الإسلام ..
لماذا رفضت الماركسية .. المسيح الدجال .. سقوط اليسار .. و كانت عندى قناعة ثابتة بأن الماركسية كانت إحدى . معاول تدمير الحضارة الحالية ..
و أسوأ من ذلك كانت الأداة التى خلقت الإنسان الحاقد الرافض و المخرب .. نشر لى 89 كتاباً بينها ست مسرحيات مثلت على المسرح (الزلزال .. الإنسان و الظل .. الأسكندر الأكبر .... الزعيم .. أنشودة الدم .. شلة الأنس .. الشيطان يسكن فى بيتنا) و روايـة ظـهرت فى السينما (المستحيل)
.. و خمس و عشرون كتاباً فى الإسلاميات و ثلاث روايات طويلة و الباقى دراسات و قصص قصيرة .
و قدمت للتلفزيون أكثر من أربعمائة حلقة من برنامج العلم و الإيمان و هو برنامج يتخذ من الصورة و المادة العلمية و التأمل الصوفى مدخلاً إلى الإيمان بالله . و لو سئلت بعد هذا المشوار الطويل من أكون .. هل أنا الأديب القصاص أو المسرحى أو الفنان أو الطبيب لقلت كل ما أريده أن أكون مجرد خادم لكلمة لا إله إلا الله و أن أكون بحياتى و بعلمى دالاً على الخير . إلتقيت بالعقاد فى بداية هوايتى الأدبية و شجعنى و كان يتلو قصصى على ضيوفه فى ندوة الجمعة ..
و ساعدنى على نشرها فى مجلة الرسالة سنة 1947.
و التقيت بكامل الشناوى و شجعنى بنشر مقالاتى و قصصى فى مجلة آخر ساعة سنة 1948 . ه فى سنة 1960 استقلت من عملى كطبيب و تفرغت للكتابة فى الصحف . فترة إنتقالى بالطب بين 1953 - 1960 ( و فى مصحة العباسية الصدرية و مصحة الماظة الصدرية و مستشفى دمياط الصدرى و مستوصف أم المصريين) كانت لها آثار خصبة ظهرت فى كتاباتى .. عنبر 7 .. شلة الأنس .. أكل عيش .. و كانت لها اثر فى المدخل العلمى و التشريحى الى المشاكل الإجتماعية و الى النفس الإنسانية .. و الى الشخصيات التى أكتب عنها . شخصية والدى و مرضه الطويل و صبره و إحتماله و إيمانه و نقاؤه الخلقى .. كان مثالاً أمامى دائماً .. و كان قوة مؤثرة و إيجابية فى حياتى طول الوقت .
لم تنقطع علاقتى بالمرأة صداقة و حواراً و حباً و عشقاً منذ نضجت و منذ بدأت أخوض الحياة فى سن الثلاثين . وكان ضعفى أمام الجمال دائماً سبباً لعثراتى و لا أعتقد ان الرجل يمكن أن يكون رجلاً سوياً بدون إمرأة يحبها ويتزوجها و ينجب منها و يشعر بالأبوة و إنشاء الأسرة .
لم أوفق فى زواجى الأول سنة 1961 (أنجبت فيه أمل و أدهم) و إنتهى بالطلاق سنة 1973 و لا زواجى الثانى سنة 1983 الذى إنتهى بالطلاق فى سنة 1987 . كانت شخصية الفنان و الكاتب بشروده و إستغراقه فى العمل وإنقطاعه الى الوحدة سبباً فى فشل هذه الزيجات و لم يكن الطرف الآخر هو الملوم وحده و إنما كلانا كان ملوماً . و قررت بعد الفشل الثانى أن أعطى نفسى بالكلية لرسالتى و هدفى كداعية إسلامى و مؤلف و كاتب و أديب ومفكر .. وقد إقتنعت تماماً بأن هذا قدرى .. و رضيت به . ومنذ هذا الحين و أنا أعيش فى جناح صغير بمسجدى بالمركز الإسلامى بالدقى .. أغرق وحدتى فى العمل المتواصل و العمل الناجح الموفق فى نظرى هوعلاج لكل الأمراض البدنية و العلل النفسية .. والقدرة على العمل و الانتاج اكبر نعمة يمنحها الله لعبده . تعودت ان اعطى ظهرى لكل حقد او حسد او عداء و لا اضيع وقتى فى الاشتباك مع هذه الاشياء .. و أفضل أن أتجنبها و أتجنب أصحابها حتى لا أبدد طاقتى فى ما لا جدوى وراءه .
إنتصاراتى على نفسى هى أهم انتصارات فى حياتى .. و كانت دائما بفضل الله و بالقوة التى أمدنى بها و بالبصيرة و النور الذى نور به طريقى .. و بالقدوة الصالحة التى أخذتها من الأب و من الأم ومن البيت الطيب الذى نشأت فيه هزيمة سنة 1967 و الإنهيار الإقتصادى
و الأخلاقى فى بلادنا كانت المشكلة الأولى و ما زالت الهم الأول الذى يشغل بالى و بال كل مصرى و إذا كان إنتصار 1973 قد خفف هذا الإحساس إلا أن الزلزال الإشتراكى تتداعى آثاره المدمرة فى مجتمعنا المصرى الى الآن . و أعتقد أنه يجب الخروج من المستنقع الإشتراكى و من بقايا الإقتصاد الشمولى الذى خلفه عبد الناصر (القطاع العام و المجانية العشوائية فى التعليم و الخمسين فى المائة عمال و فلاحين ..
و الظلم الواقع على المالك من مستأجر الأرض التى لا يزرعها بل يعود فيؤجرها هو الآخر من الباطن .. هجرة الريف الى المدينة .. و إنهيار الزراعة ..وروح الكسل و التواكل و الحقد و الحسد و عدم الإنتماء و السلبية التى خلفتها الإعتمادية الإشتراكية على الدولة (فى كل شئ) يجب الخروج تماماً من هذا المنهج الناصرى الفاشل والمخرب لأنه لا يمكن البناء على أساس فاسد .. و لا يمكن رفع البنيان على خراب .. و للأسف و رغم تغير منهجنا الإقتصادى تماماً إلا أن دستورنا مازال يستلهم الفشل الماركسى .كارثة التعليم هى المشكلة رقم 1 التى يجب التصدى لها .. أسلوب التعليم .. و المناهج .. كل هذا يجب أن يتغير .
أخلاقيات العمل و الدأب و المثابرة يجب أن تكون الهم الأول .
و بالعلم و العمل ينهض الإقتصاد و يتحول الإنفجار السكانى الى بركة فلسنا أكثر تعداداً من اليابان .. و لسنا أكثر تعداداً من الهند .. و قد إستطاعت الهند أن تغطى إحتياجاتها من القمح لان كل الأيدى تعمل ..
و استطاعت اليابان أن تهزم الإنتاج الأمريكى لان الكل يعمل .. و استطاعت كوريا الجنوبية و سنغافورة
و ماليزيا و هونج كوتج أن تقفز الى الصدارة. العمل عبادة .. العمل صلاة .. العمل دين
حينما تقوم التربية فى البيت و المسجد و المصنع و المدرسة و أجهزة الإعلام على هذا المبدأ فانا نكون قد وضعنا أقدامنا على أول الطريق .. و فى سنغافورة التعداد الكلى للسكان 3 مليون و الإنتاج الكلى المصدر الى الخارج سبعون ملياراً من الدولارات و هى لا يوجد فيها بترول و لا غاز طبيعى و لا حديد و لا نحاس
و لا خامات معدنية .. حتى الماء تشتريه من جاراتها .
وهونج كونج و هى مدينة واحدة تنتج و تصدر أضـعاف ما تصدر مصر ذات الستين مليوناً من البشر .. لانهم جميعاً يعملون .متى نخرج من قوقعة الحقد و الكسل و الخراب النفسى الذى جلبته علينا حكوماتنا الشمولية
و نعود أمة عاملة منتجة و متى نعود الى الفطرة السوية و الى العقل الناشط الذى يتميز به المسلم الحقيقى .
أحلم بأن أكون "أنا" لا أكثر و أن أستطيع أن أخرج للدنيا أفضل ما فى نفسى و أن أظل أعطى حتى أموت مقرباً من الله راضياً عنى و ربنا يطلعنا منها على خير موجز الهجرة الفكرية
كانت حياتى الأدبية فى خلال ثلاثين عاما و عبر 56 كتابا هجرة مستمرة نحو إدراك الحياة و البحث عن الحقيقة .. و كان كل كتاب محطة على طريق هذا السفر الطويل كانت المجموعة الأولى من الكتب التى صدرت فيما بين 1954 ، 1958 تمثل المرحلة المادية العلمانية و فيها قدمت كتبى : الله و الإنسان - أبليس
و مجموعة قصص أكل عيش و عنبر 7 و فى هذه القصص حاولت أن اصور المجتمع من منظور واقعى صرف وكان موقفى من المسلمات الدينية هو مواقف الشك و المناقشة و كانت المرحلة الثانية هى بداية الشك فقد اتضح لى عجز الفكر العلمى المادى عن ان يقدم تفسيراً مقنعاً للحياة و الموت و الإنسان و التاريخ و فى هذه المرحلة وقفت أمام الموت منكراً ومستنكراً أن يكون الإنسان هو هذه الجثة التى آراها أمامى وأنه هو مجموعة عناصر الكربون و الأيدروجين و الأوكسوجين و النحاس و الحديد و الكبريت و الكوبالت و المنجنيز الى آخر العناصر العشرين التى تتألف منها طينتنا و ترابنا .. لا لا يمكن أن يكون الإنسان هو مجرد هذه الأحشاء الملفوفة فى قرطاس من الجلد .. و إنما الحقيقة الإنسانية لا بد أن تكون متجاوزة لكل هذا القالب المادى المحدود .. و علينا أن نبحث عن حقيقته فيما قبل الميلاد و فيما بعد الموت و فيما وراء الطبيعة .. و فى هذه المرحلة كتبت مؤلفاتى : لغز الحياة و رواية المستحيل .. و تكاد تبوح رواية المستحيل فيما بين سطورها بهذا العطش الصوفى و الروح الرومانتيكية .
و تستمر هذه المرحلة الى آوائل الستينات و فى 1962 أهاجر هذه المرة بالقدم و الجسد فى محاولة لإستكشاف الحقيقة فى الغابات الإستوائية العذراء فى جنوب السودان و كينيا و أوغندا و تنزانيا و اعيش شهرين فى قبيلة نيام .. و تعقب ذلك رحلة أخرى الى قلب الصحراء الكبرى فى واحة غدامس حيث أعيش شهراً مع الرجال الملثمين فى قبيلة الطوارق و تكون ثمرة هذه الرحلات فى ثلاثة كتب هى : الغابة و مغامرة فى الصحراء
و حكايات مسافر وذلك عن رحلة ثالثة الى أوروبا . ثم بعد ذلك تأتى المرحلة الرابعة التى أحاول أن اركب فيها سفينة العلم لاهاجر الى ما وراء العلم فى مغامرة لاكتب لوناً جديداً من أدب الرواية العلمية و فى هذه المرحلة قدمت روايات العنكبوت:و الخروج من التابوت .. و رجل تحت الصفر التى حازت على جائزة الدولة فى وقت متأخـر فى عام 1970.. ه وفى هذه المرحلة أيضاً كتبت آينشتاين و النسبية .
ثم تواكب هذه المرحلة و تأتى بعدها مرحلة أدبية قدمت فيها معظم أعمالى الأدبية ومنها: مسرحية الزلزال ومسرحية الإنسان و الظل ومسرحية الأسكندر الأكبر و مجموعات قصص مثل: رائحة الدم و شلة الأنس
و روايات إجتماعية مثل الأفيون .
وفى آواخر الستينات أدخل عالم الأديان فى سيرة طويلة تبدأ بالغيدات الهندية و البوذية و الزرادتشية
و الثيوصوفية و اليوجا ثم اليهودية و المسيحية و الإسلام .. و إنتهى الى شاطئ القرآن الكريم ..
و فى بحر الصوفية الإسلامية أجد جميع الينابيع و جميع الجداول و كل الأنهار .. و أجد الإجابات لكل ما كنت أبحث عنه من مشاكل أزلية .
وهكذا تأتى مرحلة التحول الكامل إلى الإيمان و تتوالى مجموعة من كتب الإسلاميات : القرآن محاولة لفهم عصرى .. رحلتى من الشك إلى الإيمان .. الله .. محمد .. الكعبة .. التوراة .. الشيطان يحكم .. الروح
و الجسد .. حوار مع صديقى الملحد . و تغطى هذه المرحلة سنوات السبعينات
و فى هذه المرحلة أتخذ موقفاً صريحاً مناهضاً للفكر الماركسى و الفكر الشيوعى .. و أقدم كتب : الماركسية و الإسلام ..لماذا رفضت الماركسية .. أكذوبة اليسار الإسلامى .. كما أناقش كل ألوان الغزو الفكرى من وجودية الى عبثية الى فوضوية الى مذاهب الرفض و التمرد و اللامعقول
ثم بعد ذلك و فى آواخر السبعينات تأتى المرحلة الصوفية و فيها أقدم الثلاثية: الصوفية .. السر الأعظم .. و رأيت الله .. الوجود والعدم كما أقدم أسرار القرآن .. و القرآن كائن حى .. و مجموعات قصص مثل نقطة الغليان و أناشيد الأثم و البراءة و مسرحيات مثل الشيطان يسكن فى بيتنا و مسرحية الطوفان
دراسات فى الحب مثل عصر القرود
رواية سياسية هى المسيح الدجال
تلك كانت رحلتى بطول ثمانين عاماً وبعرض 89 كتاباً تشهد على عصر من نافذة عقل يعيش و ينفعل و يري و يكتب و ينقد ما يجرى فى الشارع المصرى و حوله و أرانى قد إخترت بعد هذه الرحلة العلم والإيمان منهجاً والديمقراطية أسلوباً سياسيا للحكم .. و الإسلام ديناً .. و لا اله الا الله راية.
و رغم كل شى فانا ما زلت أرانى فى بداية الطريق و كل ما كتبت هو فى نظرى لا أكثر من مسودة ناقصة وبين ما أنجزت و بين ما أحلم به بون شاسع و ما زلت أتتلمذ كل يوم على كل إنسان .
منقول